للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَسْلَمَ أَنَّ الَّذِي نَزَلَ فِي الْقَلِيبِ بِسَهْمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم نَاجِيَةُ بْنُ جُنْدُبٍ الْأَسْلَمِيُّ صَاحِبُ بُدْنِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ كَانَ يَقُولُ أَنَا الَّذِي نَزَلْتُ بِسَهْمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَأَنْشَدَتْ أَسْلَمُ أَبْيَاتَ شِعْرٍ قَالَهَا نَاجِيَةُ، فَزَعَمَتْ أَسْلَمُ أَنَّ جَارِيَةً مِنَ الْأَنْصَارِ أَقْبَلَتْ بِدَلْوِهَا وَنَاجِيَةُ فِي الْقَلِيبِ يَمِيحُ [ (١٠) ] عَلَى النَّاسِ، فقالت:

يَا أَيُّهَا الْمَائِحُ دَلْوِي دُونَكَا ... إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ يَحْمَدُونَكَا [ (١١) ]

يُثْنُونَ خَيْرًا وَيُمَجِّدُونَكَا [ (١٢) ]

فَقَالَ نَاجِيَةُ وَهُوَ فِي الْقَلِيبِ يَمِيحُ عَلَى النَّاسِ:

قَدْ عَلِمَتْ جَارِيَةٌ يَمَانِيَهْ ... أَنِّي أَنَا الْمَائِحُ وَاسْمِي نَاجِيَهْ

وَطَعْنَةٍ ذَاتِ رَشَاشٍ وَاهِيَهْ ... طَعَنْتُهَا تَحْتَ صُدُورِ الْعَادِيَهْ [ (١٣) ]

وَذَكَرَ مُوسَى بْنَ عُقْبَةَ أَنَّ الَّذِي نَزَلَ فِي الْبِئْرِ خَلَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْغِفَارِيُّ، وَدَلَّاهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ بِعِمَامَتِهِ، فَمَاحَ فِي الْبِئْرِ، فَكَثُرَ الْمَاءُ، حَتَّى روي الناس، قال:


[ (١٠) ] يميح على الناس: يملأ لهم الدلاء.
[ (١١) ] المائح: هو الرجل يكون في أسفل البئر يملأ الدلاء للقوم، والماتح بالتاء المثناة- هو الذي يكون في أعلى البئر ينتزع الدلاء المملوءة، وقولها «دلوي دونكا» هو من شواهد بعض النحاة على جواز تقديم معمول اسم الفعل عليه، وتأوله قوم بأنه من باب حذف العامل، وأصله: خذ دلوي دونكا
[ (١٢) ] يمجدونكا: يشرفونك، والتمجيد: التشريف ويروى الرجز هكذا:
إنّي رأيت النّاس يمنحونكا ... يثنون خيرا ويمجّدونكا
ويمنحونك: أي يعطونك، والمنحة: العطية، تريد أنهم يعطونه دلاءهم.
[ (١٣) ] سيرة ابن هشام (٢: ٢٦٧- ٢٦٨) ، والبداية والنهاية (٤: ١٦٥) .