فأخبرت أنه قد بَعَثَ جَيْشًا إِلَى قَوْمِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ارْدُدِ الْجَيْشَ وَأَنَا لَكَ بِإِسْلَامِ قَوْمِي وَطَاعَتِهِمْ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَرُدَّهُمْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ رَاحِلَتِي قد كلّت، ولكن ابعث إليهم رجلا، قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا، وكتبت معه إليهم، فردّهم، قال الصدائي: فَقَدِمَ وَفْدُهُمْ بِإِسْلَامِهِمْ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَخَا صُدَاءَ، إِنَّكَ لَمُطَاعٌ فِي قَوْمِكَ، قلت: بَلِ اللهُ هَدَاهُمْ لِلْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَفَلَا أؤمّرك عليهم؟ قلت: بلى، فكتب لي كتابا بذلك، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مر لي بشيء من صدقاتهم، فَكَتَبَ لِي كِتَابًا آخَرَ بذلك، وكان ذَلِكَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْزِلًا، فأتى أَهْلُ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ يَشْكُونَ عاملهم، يقولون: أَخَذَنَا بِشَيْءٍ كَانَ بَيْنَنَا وبينه في الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْ فعل؟ قالوا: نعم، فالتفت إِلَى أَصْحَابِهِ وَأَنَا فِيهِمْ فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِي الْإِمَارَةِ لِرَجُلٍ مُؤْمِنٍ، قَالَ الصُّدَائِيُّ: فَدَخَلَ قَوْلُهُ فِي نفسي، قال: ثم أتاه آخر، فقال: يا رسول الله، أعطني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: من سأل الناس عن ظهر غنى فهو صداع في الرأس وداء في البطن، فقال السائل: فأعطني من الصدقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: إن الله لم يرض بحكم نبيّ ولا غيره [في الصدقات] حتى حكم هو فيها، فجزّأها ثمانية أجزاء، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك- أو أعطيناك- حقك، قال الصدائي: فدخل ذلك في نفسي، لأني سألته من الصدقات وأنا غنيّ.