بِهِ، وَأَسْرَجَ فَرَسَهُ، فَحُمِلَ عُثْمَانُ عَلَى الْفَرَسِ فَأَجَارَهُ وَرَدَفَهُ أَبَانُ، حَتَّى جَاءَ مَكَّةَ، ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا بَعَثُوا بُدَيْلَ بْنَ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيَّ، وَأَخَا بَنِي كِنَانَةَ، ثُمَّ جَاءَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَمَا قَالُوا وَقِيلَ لَهُمْ وَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى قُرَيْشٍ فَقَالَ إِنَّمَا جَاءَ الرَّجُلُ وَأَصْحَابُهُ عُمَّارًا فَخَلُّوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَلْيَطُوفُوا، فَشَتَمُوهُ، ثُمَّ بَعَثَتْ قُرَيْشٌ: سُهَيْلَ بن عمرو، وَحُوَيْطِبَ بِنَ عَبْدِ الْعُزَّى، وَمِكْرَزَ بْنَ حَفْصٍ، لِيُصْلِحُوا عَلَيْهِمْ فَكَلَّمُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَوْهُ إِلَى الصُّلْحِ وَالْمُوَادَعَةِ، فَلَمَّا لَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَسْتَقِمْ لَهُمْ مَا يَدْعُونَ إِلَيْهِ مِنَ الصُّلْحِ وَالْمُوَادَعَةِ، وَقَدْ أَمِنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَتَزَاوَرُوا فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ وَطَوَائِفُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُشْرِكِينَ لَا يَخَافُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا يَنْتَظِرُونَ الصُّلْحَ وَالْهُدْنَةَ، إِذْ رَمَى رَجُلٌ مِنْ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ رَجُلًا مِنَ الْفَرِيقِ الْآخَرِ فَكَانَتْ مُعَارَكَةً وَتَرَامَوْا بِالنَّبْلِ وَالْحِجَارَةِ، وَصَاحَ الْفَرِيقَانَ كِلَاهُمَا، وَارْتَهَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ مَنْ فِيهِمْ، فَارْتَهَنَ الْمُسْلِمُونَ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، وَمَنْ أَتَاهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَارْتَهَنَ الْمُشْرِكُونَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَمَنْ كَانَ أَتَاهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْبَيْعَةِ، ونَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ قَدْ نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِالْبَيْعَةِ، فَاخْرُجُوا عَلَى اسْمِ اللهِ فَبَايعُوا، فَثَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَبَايَعُوهُ عَلَى أَنْ لَا يَفِرُّوا أَبَدًا، فَرَغَّبَهُمُ اللهُ تَعَالَى فَأَرْسَلُوا مَنْ كَانُوا ارْتَهَنُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَدَعَوْا بِالْمُوَادَعَةِ وَالصُّلْحِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي كَيْفِيَّةِ الصُّلْحِ وَالتَّحَلُّلِ مِنَ الْعُمْرَةِ،
قَالَ: وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ وَهُمْ بِالْحُدَيْبِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ: خَلَصَ عُثْمَانُ مِنْ بَيْنِنَا إِلَى الْبَيْتِ فَطَافَ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَظُنُّهُ طَافَ بِالْبَيْتِ وَنَحْنُ مَحْصُورُونَ» ، قَالُوا: وَمَا يَمْنَعُهُ يَا رَسُولَ اللهِ وَقَدْ خَلَصَ، قَالَ: «ذَلِكَ ظَنِّي بِهِ أَنْ لَا يَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ حَتَّى يَطُوفَ مَعَنَا» ،
فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ عُثْمَانُ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ:
اشْتَفَيْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: بِئْسَ مَا ظَنَنْتُمْ بي، فو الذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ مَكَثْتُ بِهَا مُقِيمًا سَنَةً وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ مُقِيمٌ بِالْحُدَيْبِيَةِ مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute