ورجح هذا ابن حجر، فقال: ويؤيد ذلك ما رواه الإمام أحمد ومسلم من حديث إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه فذكر قصة الحديبية، ثم قصة ذي قرد، وقال في آخرها: فرجعنا- أي من الغزوة- إلى المدينة، فو الله ما لبثنا بالمدينة إلّا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر. وأما ابن إسحاق، ومحمد بن عمر وابن سعد فقالوا: كانت غزوة ذي قرد في سنة ستّ قبل الحديبية. قال محمد بن عمر وابن سعد في ربيع الأوّل. وقيل في جمادى الأولى. وقال ابن إسحاق في شعبان فيها، فإنه قال: كانت غزوة بني لحيان في شعبان سنة ست، فلمّا رجع رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- إلى المدينة لم يقم إلّا ليالي حتى أغار عيينة بن حصن على لقاحه- صلى الله عليه وسلّم- قال ابن كثير: وما ذكره البخاريّ أشبه بما ذكره ابن إسحاق. وقال أبو العباس القرطبي- وهو شيخ صاحب التذكرة والتفسير- تبعا لأبي عمر- رحمهم الله: لا يختلف أهل السّير أنّ غزوة ذي قرد كانت قبل الحديبية، يكون ما وقع في حديث سلمة وهم من بعض الرّواة. قال: ويحتمل أن يجمع بأن يقال يحتمل أن يكون- صلى الله عليه وسلّم- أغزى سريّة فيهم سلمة بن الأكوع إلى خيبر قبل فتحها، فأخبر سلمة عن نفسه وعمّن خرج معه، يعني حيث قال: خرجنا إلى خيبر قال: ويؤيده أن ابن إسحاق ذكر أنّ رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- أغزى إليها عبد الله بن رواحة قبل فتحها مرّتين. انتهى. قال الحافظ- رحمه الله- تعالى: وسياق الحديث يأبى هذا الجمع، فإن فيه بعد قوله: خرجنا إلى خيبر مع رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- فجعل عمّي يرتجز بالقوم، وفيه قول النبي- صلى الله عليه وسلّم- من السّائق وفيه مبارزة عمه لمرحب وقتل عامر، وغير ذلك ممّا وقع في غزوة خيبر حيث خرج إليها رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- فعلى هذا ما في الصحيح أصحّ مما ذكره أهل السّير. قال الحافظ: ويحتمل في طريق الجمع أن تكون إغارة عيينة بن حصن على اللّقاح وقعت مرّتين، الأولى التي ذكرها ابن إسحاق وهي قبل الحديبية، والثانية بعد الحديبية قبل الخروج إلى خيبر.