فتح الباري (٦: ٢٧٢) ، من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: «لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله عليه وسلّم شاة فيها سمّ، فقال النبي صلى الله عليه وسلّم، اجمعوا لي من كان هاهنا من يهود، فجمعوا له: فقال: إني سائلكم عن شيء، فهل أنتم صادقي عنه؟ فقالوا: نعم. قال لهم النبي صلى الله عليه وسلّم: من أبوكم؟ قالوا: فلان، فقال النبي: كذبتم، بل أبوكم فلان. قالوا: صدقت. قال: فهل أنتم صادقي عن شيء ان سألت عنه؟ فقالوا: نعم يا أبا القاسم، وإن كذبنا عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا، فقال لهم: من أهل النار، قالوا: نكون فيها يسيرا ثم تخلفونا فيها. فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: أخسئوا فيها، والله لا نخلفكم فيها ابدا. ثم قال: هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟ قالوا: نعم يا أبا القاسم قال: هل جعلتم في هذه الشاة سما؟ قالوا نعم، قال: ما حملكم على ذلك؟ قالوا: إن كنت كاذبا نستريح، وان كنت نبيا لم يضرك» وأعاده في: ٧٦- كتاب الطب (٥٥) باب ما يذكر في سم النبي صلى الله عليه وسلّم، الفتح (١٠: ٢٤٤) ، (٢٠: ٤٥١) . قال البدر العيني: قوله «أهديت للنبي صلى الله عليه وسلّم شاة» وكان الذي اتى بها امرأة يهودية صرح بذلك في صحيح مسلم وقال النووي في شرح مسلم وهذه المرأة اليهودية الفاعلة للسم، اسمها زينب بنت الحارث اخت مرحب اليهودي قلت كذا رواه الواقدي عن الزهري، وانه صلى الله عليه وسلّم قال لها ما حملك على هذا؟ قالت: قتلت أبي وعمي وزوجي وأخي، قال محمد: فسألت ابراهيم بن جعفر عن هذا فقال أبوها الحارث وعمها بشار وكان أجبن الناس وهو الذي انزل من الرف وأخوها زبير وزوجها سلام بن مشكم. قال القاضي عياض: واختلفت الآثار والعلماء هل قتلها النبي صلى الله عليه وسلّم أم لا فوقع في مسلم أنهم قالوا الا نقتلها؟ قال لا ومثله عن أبي هريرة وجابر وعن جابر من رواية أبي سلمة انه صلى الله عليه وسلّم قتلها وفي رواية ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلّم دفعها الى اولياء بشر بن البراء بن معرور وكان أكل منها فمات بها فقتلوها وفي لفظ قتلها وصلتها وفي جامع معمر عن الزهري لما أسلمت تركها قال معمر كذا قال الزهري أسلمت والناس يقولون قتلها وأنها لم تسلم وقال السهيلي قيل انه صفح عنها قال القاضي وجه الجمع بين هذه الروايات والأقاويل انه لم يقتلها إلا حين اطلع على سحرها وقيل له اقتلها فقال لا فما مات بشر بن البراء من ذلك سلمها لأوليائه فقتلوها قصاصا فصح قولهم لم يقتلها اي في الحال ويصح قولهم قتلها أي بعد ذلك والله اعلم وفيه ان الإمام مالكا احتج به على أن القتل بالسم كالقتل بالسلاح الذي يوجب القصاص وقال الكوفيون لا قصاص فيه وفيه الدية العاقلة قالوا ولو دسه في طعام او شراب لم يكن عليه شيء ولا على عاقلته وقال الشافعي إذ فعل ذلك ففيه قولان في وجوب القود أصحهما لا وفيه معجزة ظاهرة له عليه السلام حيث لم يؤثر فيه السم والذي أكل