أخبارا كثيرة من غير تمييز منهم صحيحها من سقيمها، ولا مشهورها من غريبها، ولا مرويّها من موضوعها، حتى أنزلها من حسنت نيته في قبول الأخبار منزلة واحدة في القبول، وأنزلها من ساءت عقيدته في قبولها منزلة واحدة في الردّ.
وعادتي- في كتبي المصنّفة في الأصول والفروع- الاقتصار من الأخبار على ما يصح منها دون ما لا يصح، أو التمييز بين ما يصح منها وما لا يصح، ليكون الناظر فيها من أهل السنة على بصيرة مما يقع الاعتماد عليه، لا يجد من زاغ قلبه من أهل البدع عن قبول الأخبار مغمزا فيما اعتمد عليه أهل السنة من الآثار.
ومن أنعم النظر في اجتهاد أهل الحفظ في معرفة أحوال الرواة، وما يقبل من الأخبار، وما يردّ- علم أنهم لم يألوا جهدا في ذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَ الابن يقدح في أبيه إذا عثر منه على ما يوجب ردّ خبره، والأب في ولده، والأخ في أخيه، لا تأخذه فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، ولا تمنعه في ذلك شجنة رحم ولا صلة مال. والحكايات عنهم في ذلك كثيرة، وهي في كتبي المصنّفة في ذلك مكتوبة.
ومن وقف على تمييزي في كتبي بين صحيح الأخبار وسقيمها، وساعده التوفيق- علم صدقي فيما ذكرته.
ومن لم ينعم النّظر في ذلك، ولم يساعده التوفيق- فلا يغنيه شرحي لذلك، وإن أكثرت، ولا إيضاحي له، وإن بلغت، كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وجل: