للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَانْطَلَقَا فَيَلْقَيَانِ امْرَأَةً بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ أَوْ سَطِيحَتَيْنِ مِنْ مَاءٍ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا، فَقَالَا لَهَا:

أَيْنَ الْمَاءُ؟ فَقَالَتْ: عَهْدِي بِالْمَاءِ أَمْسِ هَذِهِ السَّاعَةَ، قَالَ: فَقَالَا لَهَا فَانْطَلِقِي إِذًا، قَالَتْ لِي: أَيْنَ؟ قَالَا: إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: هَذَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الصَّابِئُ؟ قَالَا: هُوَ الَّذِي تَعْنِينَ، فَانْطَلِقِي إِذًا.

فَجَاءَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَدَّثَاهُ الْحَدِيثَ فَاسْتَنْزَلُوهَا عَنْ بَعِيرِهَا، وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنَاءٍ فَأَفْرَغَ فِيهِ مِنْ أَفْوَاهِ الْمَزَادَتَيْنِ أَوِ السَّطِيحَتَيْنِ يَعْنِي فَمَضْمَضَ فِي الْمَاءِ وَأَعَادَهُ فِي أَفْوَاهِ الْمَزَادَتَيْنِ، أَوِ السطيحتين، وأوكا أفواههما وَأَطْلَقَ الْعَزَالِيَ [ (٢) ] وَنُودِيَ فِي النَّاسِ أَنِ اسْقُوا وَاسْتَقُوا فسقا مَنْ شَاءَ وَاسْتَقَى مَنْ شاء، فكان آخر من ذَلِكَ أَنْ أَعْطَى الَّذِي أَصَابَتْهُ الْجَنَابَةُ إِنَاءً مِنْ مَاءٍ، فَقَالَ:

اذْهَبْ فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ، قَالَ: وَهِيَ قَائِمَةٌ تَنْظُرُ مَا يَفْعَلُ بِمَائِهَا، قَالَ: وَايْمُ اللهِ لَقَدْ أَقْلَعَ عَنْهَا وَإِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْنَا أَنَّهَا أَشَدُّ مِلْئًا [ (٣) ] مِنْهَا حِينَ ابْتَدَأَ فِيهَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْمَعُوا لَهَا فَجَمَعَ لَهَا مِنْ بَيْنِ عَجْوَةٍ وَدَقِيقَةٍ وَسَوِيقَةٍ، حَتَّى جَمَعُوا طَعَامًا كَثِيرًا وَجَعَلُوهُ فِي ثَوْبٍ وَحَمَلُوهَا عَلَى بَعِيرِهَا، وَوَضَعُوا الثَّوْبَ بَيْنَ يَدَيْهَا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعْلَمِينَ وَاللهِ مَا رَزَيْنَاكِ مِنْ مَائِكِ شَيْئًا، وَلَكِنَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ سَقَانَا» .

قَالَ: فَأَتَتْ أَهْلَهَا وَقَدِ احْتَبَسَتْ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا مَا حَبَسَكِ يَا فُلَانَةُ؟ قَالَتِ:

الْعَجَبُ! لَقِيَنِي رَجُلَانِ فَذَهَبَا بِي إِلَى هَذَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الصَّابِئُ، فَفَعَلَ بِمَائِي كَذَا وَكَذَا لِلَّذِي قَدْ كان، قال: فو الله أنه لا سحر مَنْ بَيْنَ هَذِهِ وَهَذِهِ، وَقَالَتْ بِأُصْبُعِهَا الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ فَرَفَعَتْهُمَا إِلَى السَّمَاءِ تَعْنِي السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ، أَوْ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللهِ حَقًّا، قَالَ فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدُ يُغِيرُونَ عَلَى مَا حَوْلَهَا مِنَ


[ (٢) ] وفي البخاري: «العزلاوين» ، وهو المتعب الأسفل للمزادة الذي يفرغ منه الماء.
[ (٣) ] وفي البخاري أنها تنض من الملء.