للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«إِنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ [ (١٣) ] إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الْأُخْرَى، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَسْتَيْقِظُ، فَإِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا، ثُمَّ قَالَ: مَا تَرَوْنَ النَّاسَ صَنَعُوا [قَالَ] ثُمَّ قَالَ [ (١٤) ] :

أَصْبَحَ النَّاسُ وَقَدْ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَسُولُ اللهِ بَعْدَكُمْ لَمْ يَكُنْ لِيُخَلِّفَكُمْ. وَقَالَ نَاسٌ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَنْ يُطِيعُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا، فَانْتَهَيْنَا إِلَى النَّاسِ حِينَ امْتَدَّ النَّهَارُ أَوْ قَالَ حِينَ ذَهَبَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ وَهُمْ يَقُولُونَ يَا نَبِيَّ اللهِ هَلَكْنَا وَعَطِشْنَا، فَقَالَ: لَا هُلْكَ عَلَيْكُمْ [ (١٥) ] ثُمَّ قَالَ: أَطْلِقُوا لِي غُمَرِي [ (١٦) ] يَعْنِي الْقَدَحَ الصَّغِيرَ فَدَعَا بِالْمِيضَأَةِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُبُّ وَأَبُو قَتَادَةَ يَسْقِيهِمْ فَلَمْ يَعُدْ أَنْ رَأَى النَّاسُ مَا فِي الْمِيضَأَةِ تَكَابُّوا [ (١٧) ] عَلَيْهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَحْسِنُوا الْمَلْأَ [ (١٨) ] كُلُّكُمْ سَيَرْوَى، ثُمَّ قَالَ: أَحْسِنُوا الرُّعَةَ، فَفَعَلُوا، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُبُّ، وَأَبُو قَتَادَةَ يَسْقِيهِمْ، حَتَّى مَا بَقِيَ أَحَدٌ غَيْرِي، وَغَيْرُ النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ ثُمَّ صَبَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ اشْرَبْ فَقُلْتُ لَا أَشْرَبُ حَتَّى يَشْرَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال: ان ساقي


[ (١٣) ] (لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ) أي تقصير في فوت الصلاة لانعدام الاختيار من النائم.
[ (١٤) ] (مَا تَرَوْنَ النَّاسَ صَنَعُوا قَالَ ثُمَّ قَالَ.. إلخ) قال النووي: معنى هذا الكلام أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلّم لما صلى بهم الصبح، بعد ارتفاع الشمس، وقد سبقهم الناس. وانقطع النبي صلى الله عليه وسلّم وهؤلاء الطائفة اليسيرة عنهم
قال: ما تظنون الناس يقولون فينا؟ فسكت القوم. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلّم: أما أبو بكر وعمر فيقولان للناس: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلّم وراءكم. ولا تطيب نفسه ان يخلفكم وراءه ويتقدم بين أيديكم. فينبغي لكم ان تنتظروه حتى يلحقكم. وقال باقي الناس: إنه سبقكم فالحقوه. فإن أطاعوا أبا بكر وعمر رشدوا، فإنهما على الصواب.
[ (١٥) ] (لأهلك عليكم) أي لا هلاك.
[ (١٦) ] (أطلقوا لي غمرى) أي ايتوني به. والغمر القدح الصغير.
[ (١٧) ] (فَلَمْ يَعُدْ أَنْ رَأَى الناس ماء فِي الْمِيضَأَةِ تَكَابُّوا عَلَيْهَا) أي لم يتجاوز رؤيتهم الماء في الميضأة تكابهم، اي تزاحمهم عليها، مكبا بعضهم على بعض.
[ (١٨) ] (أحسنوا الملأ) الملأ الخلق والعشرة. يقال: ما احسن ملأ فلان اي خلقه وعشرته. وما أحسن ملأ بني فلان أي عشرتهم وأخلاقهم. ذكره الجوهري وغيره. وانشد الجوهري:
تنادوا يال بهثة إذ رأونا* فقلنا: أحسني ملأ جهينا