فقال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- يا ابن رواحة بين يدي رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- وفي حرم الله- تعالى- تقول الشعر؟ فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- خل عنه يا عمر فهلى اسرع فيهم من نضح النبل. وفي رواية «يا عمر إني اسمع، فاسكت يا عمر» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «يا ابن رواحة قل: «لا إلا الله وحده نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده» . فقالها ابن رواحة فقالها الناس كما قالها. وقال ابن هشام: قوله: «نحن قتلناكم على تأويله» الى آخر الأبيات لعمار بن ياسر، قال السهيلي: يعني يوم صفين. قال ابن هشام: والدليل على ذلك ان ابن رواحة إنما أراد المشركين، والمشركون لم يقروا بالتنزيل، يقاتل على التأويل من أقر بالتنزيل. قال في البداية: وفيما قاله ابن هشام نظر، فإن البيهقي روى من غير وجه عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أنس قال: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلّم مكة في عمرة القضاء مشى عبد الله بن رواحة بين يديه وفي رواية وهو آخذ بغرزه وهو يقول الأبيات السابقة. ورواه عن يزيد بن أسلم- كما سبق- وقد تابع ابن إسحاق على ذلك ابن عقبة وغيره، وقال الحافظ- رحمه الله تعالى- إذا ثبتت الرواية فلا مانع من إطلاق ذلك، فإن التقدير على رأي ابن هشام: نحن ضربناكم على تأويله اي حتى تذعنوا الى ذلك التأويل، ويجوز أن يكون التقدير: نحن ضربناكم على تأويل ما فهمنا منه حتى تدخلوا فيما دخلنا فيه، وإذا كان ذلك محتملا، وثبتت الرواية سقط الاعتراض. نعم الرواية التي جاء فيها. «فاليوم نضربكم على تأويله» يظهر انه قول عمار، ويبعد ان يكون من قول ابن رواحة، لأنه لم يقع في عمرة القضاء ضرب ولا قتال، وصحيح الرواية. «نحن ضربناكم على تأويله. كما ضربناكم على تنزيله» . يشير بكل منهما الى ما مضى، ولا مانع من ان يتمثل عمار بن ياسر بهذا الرجز ويقول: هذه اللفظة، ومعنى قوله: «نضربكم على تأويله» اي الآن، وجاز تسكين الباء لضرورة الشعر، بل هي لغة قرئ بها في المشهور. قال الحافظ أبو عيسى الترمذي- رحمه الله- تعالى! بعد ان ذكر رجز ابن رواحة، ثم قال: وفي غير هذا الحديث أن هذه القصة لكعب بن مالك، وهو الأصم، لأن عبد الله بن رواحة قتل بمؤتة، وكانت عمرة القضاء بعد ذلك، قال الحافظ- رحمه الله- وهو ذهول شديد، وغلط