إِلَى النَّجَاشِيِّ، فَقَدِ اتَّبَعَ مُحَمَّدًا، وَأَصْحَابُهُ عِنْدَهُ آمِنُونَ، فَأَخْرُجُ إِلَى هِرَقْلَ فَأَخْرُجُ مِنْ دِينِي إِلَى نَصْرَانِيَّةٍ أَوْ يَهُودِيَّةٍ فَأُقِيمُ مَعَ عجم تابع مَعَ عَيْبِ ذَلِكَ، أَوْ أُقِيمُ فِي دَارِي فِيمَنْ بَقِيَ.
فَأَنَا عَلَى ذَلِكَ إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ فَتَغَيَّبْتُ وَلَمْ أَشْهَدْ دُخُولَهُ، فَكَانَ أَخِي الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَدْ دَخَلَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ، فَطَلَبَنِي فَلَمْ يَجِدْنِي وَكَتَبَ إِلَيَّ كِتَابًا فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَمَّا بَعْدُ! فَإِنِّي لَمْ أَرَ أَعْجَبَ مِنْ ذَهَابِ رَأْيِكَ عَنِ الْإِسْلَامِ وَعَقْلُكَ عَقْلُكَ، وَمِثْلُ الْإِسْلَامِ يَجْهَلُهُ أَحَدٌ؟
قَدْ سَأَلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْكَ، فَقَالَ: أَيْنَ خَالِدٌ؟ فَقُلْتُ: يَأْتِي اللهُ بِهِ فَقَالَ: مَا مِثْلُهُ جَهِلَ الْإِسْلَامَ وَلَوْ كَانَ جَعَلَ نِكَايَتَهُ وَجِدَّهُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ كَانَ خَيْرًا لَهُ وَلَقَدَّمْنَاهُ عَلَى غَيْرِهِ،
فَاسْتَدْرِكْ يَا أَخِي مَا قَدْ فَاتَكَ، وَقَدْ فَاتَتْكَ مَوَاطِنُ صَالِحَةٌ، فَلَمَّا جَاءَنِي كِتَابُهُ نَشَطْتُ لِلْخُرُوجِ وَزَادَنِي رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ وسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرَى فِي النَّوْمِ كَأَنِّي فِي بِلَادٍ ضَيِّقَةٍ جَدْبَةٍ فَخَرَجْتُ إِلَى بِلَادٍ خَضْرَاءَ وَاسِعَةٍ. قُلْتُ: إِنَّ هَذِهِ لَرُؤْيَا فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قُلْتُ لَأَذْكُرَنَّهَا لِأَبِي بَكْرٍ فَذَكَرْتُهَا فَقَالَ: هُوَ مَخْرَجُكَ الَّذِي هَدَاكَ اللهُ لِلْإِسْلَامِ وَالضِّيقُ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ الشِّرْكُ.
فَلَمَّا أَجْمَعْتُ الْخُرُوجَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ مَنْ أُصَاحِبُ إِلَى مُحَمَّدٍ فَلَقِيتُ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ فَقُلْتُ يَا أَبَا وَهْبٍ أَمَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ إِنَّمَا نَحْنُ كَأَضْرَاسٍ وَقَدْ ظَهَرَ مُحَمَّدٌ عَلَى الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، فَلَوْ قَدِمْنَا عَلَى مُحَمَّدٍ فَاتَّبَعْنَاهُ فَإِنَّ شَرَفَ مُحَمَّدٍ لَنَا شَرَفٌ فَأَبَى أَشَدَّ الْإِبَاءِ وَقَالَ لِي: لَوْ لَمْ يَبْقَ غَيْرِي مَا اتَّبَعْتُهُ أَبَدًا، فَافْتَرَقْنَا وَقُلْتُ: [ (٢) ] هَذَا رَجُلٌ قُتِلَ أَخُوهُ وَأَبُوهُ بِبَدْرٍ فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ فَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ مَا قُلْتُ لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فَقَالَ لِي مِثْلَ مَا قَالَ صَفْوَانُ، قُلْتُ: فاكتم
[ (٢) ] في (ح) : «قال» وهو تحريف.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute