للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيكَ الْخَيْرَ نَافِلَةً ... وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي ثَابِتُ الْبَصَرِ [ (١٠) ]

أَنْتَ الرَّسُولُ فَمَنْ يُحْرَمْ نَوَافِلَهُ ... وَالْوَجْهَ مِنْهُ فَقَدْ أَزْرَى بِهِ الْقَدَرُ [ (١١) ]

ثُمَّ خَرَجَ الْقَوْمُ حَتَّى نَزَلُوا مَعَانَ، فَبَلَغَهُمْ أَنَّ هِرَقْلَ قَدْ نَزَلَ بِمَأْرِبَ فِي مِائَةِ، أَلْفٍ مِنَ الروم وماية أَلْفٍ مِنَ الْمُسْتَعْرِبَةِ فَأَقَامُوا بِمُعَانَ يَوْمَيْنِ فَقَالُوا نَبْعَثُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُخْبِرُهُ بِكَثْرَةِ عَدُوِّنَا، فَإِمَّا أَنْ يُمِدَّنَا، وَإِمَّا أَنْ يَأْمُرَنَا أَمْرًا، فَشَجَّعَ النَّاسَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ وَاللهِ إِنَّ الَّتِي تَكْرَهُونَ لَلَّتِي خَرَجْتُمْ لَهَا إِيَّاهَا تَطْلُبُونَ: الشَّهَادَةُ، وما تقاتل النَّاسَ بِعَدَدٍ وَلَا كَثْرَةٍ وَإِنَّمَا نُقَاتِلُهُمْ بِهَذَا الدِّينِ الَّذِي أَكْرَمَنَا اللهُ بِهِ، فَإِنْ يُظْهِرْنَا اللهُ بِهِ فَرُبَّمَا فَعَلَ وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى فَهِيَ الشَّهَادَةُ وَلَيْسَتْ بِشَرِّ الْمَنْزِلَيْنِ، فَقَالَ النَّاسُ: وَاللهِ لَقَدْ صَدَقَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَانْشَمَرَ النَّاسُ وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ حَتَّى لَقُوا جُمُوعَ الرُّومِ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْبَلْقَاءِ يُقَالُ لَهَا شَرَافٌ ثُمَّ انْحَازَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى مُؤْتَةَ قَرْيَةٌ فَوْقَ أَحْسَاءَ [ (١٢) ] .

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ: عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْأَسْفَاطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ كَاسِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَإِنْ قتل زيد فجعفر،


[ (١٠) ] (ازرى به القدر) : قصر به.
[ (١١) ] في الأبيات الثلاثة إقواء، وقال ابن هشام: أنشدني بعض أهل العلم بالشعر هذه الأبيات:
أَنْتَ الرَّسُولُ فَمَنْ يُحْرَمْ نَوَافِلَهُ ... وَالْوَجْهَ مِنْهُ فَقَدْ ازرى به القدر
فثبت الله ما آتاك من حسن ... في المرسلين، وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا
إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيكَ الْخَيْرَ نَافِلَةً ... فراسة خالفت فيك الذي نظروا
[ (١٢) ] سيرة ابن هشام (٣: ٣٢٤) .