ثم ذهبت إلى راهب بجوار مكة، فلما دنت منه وعرفها، قال: مالك يا سيدة نساء قريش؟.
فقالت: أقبلت إليك لتخبرني عن جبريل.
فقال: سبحان الله! ربنا القدوس: ما بال جبريل يذكر في هذه البلاد التي يعبد أهلها الأوثان، جبريل أمين الله ورسوله إلى أنبيائه ورسله..
وَهُوَ صَاحِبُ مُوسَى وَعِيسَى.
فَرَجَعَتْ خَدِيجَةُ مِنْ عِنْدِهِ، فَجَاءَتْ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ، وَكَانَ وَرَقَةُ قَدْ كَرِهَ عبادة الأوثان، فسألته عن جبريل، فقال لها مثل ذلك، ثم سألها، ما الخبر؟
فأحلفته أن يكتم ما تقول له، فحلف لها، فقالت:
إن محمدا ذكر لي- وهو صادق- أحلف بالله ما كذب ولا كذب- أنه نزل عليه جبريل بحراء، وأنه أخبره أنه نبيّ هذه الأمة، وأقرأه آيات أرسل بها.
قال: فذعر ورقة لذلك، وقال:
قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، وَالَّذِي نَفْسُ وَرَقَةَ بِيَدِهِ لَئِنْ كُنْتِ صَدَقْتِينِي يَا خَدِيجَةُ إِنَّهُ لَنَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَإِنَّهُ لَيَأْتِيهِ النَّامُوسُ الْأَكْبَرُ الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَقُولِي لَهُ فَلْيَثْبُتْ. ولكن يا خديجة أرسلي إليّ ابن عبد الله أسأله وأسمع من قوله، فإني أخاف أن يكون غير جبريل، فإن بعض الشياطين يتشبه به، ليفسد بعض بني آدم، حتى يصير الرجل بعد العقل مدلها.