للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَهُ يُعَادُ بِهِ حَتَّى نَزَلَ النَّاسُ بِأَوْطَاسٍ [ (٦) ] فَقَالَ دُرَيْدٌ حِينَ نَزَلُوا بِأَوْطَاسٍ فَسَمِعَ رُغَاءَ الْبَعِيرِ [ (٧) ] ، وَنَهِيقَ الحمير [ (٨) ] ، وبعار الشَّاءِ [ (٩) ] ، وَبُكَاءَ الصَّغِيرِ: بِأَيِّ وَادٍ أَنْتُمْ؟

فَقَالُوا: بِأَوْطَاسٍ، قَالَ: نِعْمَ مَجَالُ الْخَيْلِ، لَا حَزْنٌ [ (١٠) ] ضَرِسٌ [ (١١) ] وَلَا سهل [ (١٢) ] دهس [ (١٣) ] مالي أَسْمَعُ رُغَاءَ الْبَعِيرِ، وَبُكَاءَ الصغير، ونهيق الحمار، وبعار الشَّاءِ؟

فَقَالُوا: سَاقَ مَالِكٌ مَعَ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ وَنِسَاءَهُمْ. قَالَ: فَأَيْنَ مَالِكٌ؟

فَدُعِيَ مَالِكٌ، فَقَالَ يَا مَالِكُ! إِنَّكَ قَدْ أَصْبَحْتَ رَئِيسَ قَوْمِكَ، وَإِنَّ هَذَا يَوْمٌ كَائِنٌ لَهُ مَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَيَّامِ، فَمَا دَعَاكَ إِلَى أَنْ تَسُوقَ مَعَ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ؟، قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أَجْعَلَ خَلْفَ كُلِّ رَجُلٍ أَهْلَهُ وَأَمْوَالَهُ [ (١٤) ] لِيُقَاتِلَ عَنْهُمْ، قَالَ: فَانْقَضَّ [ (١٥) ] بِهِ دُرَيْدٌ، وَقَالَ: يَا رَاعِيَ ضَأْنٍ وَاللهِ وَهَلْ يَرُدُّ وَجْهَ الْمُنْهَزِمِ شَيْءٌ؟ إِنَّهَا إِنْ كَانَتْ لَكَ لَمْ يَنْفَعْكَ إِلَّا رَجُلٌ بِسَيْفِهِ وَرُمْحِهِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْكَ فُضِحْتَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ فَارْفَعِ الْأَمْوَالَ وَالنِّسَاءَ وَالذَّرَارِيَّ إِلَى عَلْيَاءِ قَوْمِهِمْ وَمُمْتَنَعِ بِلَادِهِمْ.

ثُمَّ قَالَ دُرَيْدٌ: وَمَا فَعَلَتْ كَعْبٌ وَكِلَابٌ؟ فَقَالُوا: لَمْ يَحْضُرْهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ،


[ (٦) ] أوطاس: واد في ديار هوازن، كانت فيه وقعة حنين، وتسمى ايضا غزوة أوطاس وانظر شرح المواهب (٣: ٥) .
[ (٧) ] رغاء الإبل- بضم الراء وبالغين المعجمة والمد: صوتها.
[ (٨) ] نهاق الحمير بضم النون وتخفيف الهاء وبالقاف: صوتها.
[ (٩) ] بعار الشاء- بضم التحتية وبالعين المهملة المخففة وبالراء: صوتها
[ (١٠) ] الحزن- بفتح الحاء المهملة، وسكون الزاى، وبالنون: ما غلظ من الأرض.
[ (١١) ] الضرس- بكسر الضاد المعجمة، وسكون الراء، وبالسين المهملة: الأكمة الخشنة وفي الإملاء:
هو الموضع فيه حجارة محددة.
[ (١٢) ] السهل: ضد الحزن.
[ (١٣) ] دهس- بفتح الدال المهملة، والهاء، وبالسين المهملة، والدهاس مثل الليث واللباث: المكان السهل اللين الذي لا يبلغ ان يكون رملا وهو بتراب. ولا طين، وفي الإملاء: لين كثير التراب.
[ (١٤) ] في (ح) : «وماله» .
[ (١٥) ] (فانقضّ) زجره كما تزجر الدابة.