للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَعَهُ إِلَى حُنَيْنٍ، فَسَبَقَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعَدُّوا، وَتَهَيَّئُوا فِي مَضَايِقِ الْوَادِي وَأَحْنَائِهِ [ (٣٠) ] وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم وأصحابه فَانْحَطَّ بِهِمُ الْوَادِي فِي عَمَايَةِ الصُّبْحِ [ (٣١) ] فَلَمَّا انْحَطَّ النَّاسُ ثَارَتْ فِي وُجُوهِهِمِ الْخَيْلُ فَشَدَّتْ عَلَيْهِمْ وَانْكَفَأَ النَّاسُ مُنْهَزِمِينَ لَا يُقْبِلُ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَانْحَازَ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ الْيَمِينِ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمُّوا إِلَيَّ أَنَا رَسُولُ اللهِ، أَنَا رَسُولُ اللهِ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله، فَلَا شَيْءَ،

وَرَكِبَتِ الْإِبِلُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ النَّاسَ وَمَعَهُ رَهْطٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَرَهْطٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْعَبَّاسُ آخِذٌ بِحَكَمَةِ [ (٣٢) ] بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ وَهُوَ عَلَيْهَا قَدْ شَجَرَهَا، قَالَ: وَثَبَتَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَرَبِيعَةُ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَيْمَنُ بْنُ أُمِّ أَيْمَنَ وَهُوَ ابن عبيد، وأسامة ابن زَيْدٍ، وَثَبَتَ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ [ (٣٣) ] ، وَرَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ أَحْمَرَ بِيَدِهِ رَايَةٌ سَوْدَاءُ عَلَى رَأْسِ رُمْحٍ لَهُ طَوِيلٍ أَمَامَ هَوَازِنَ، وَهَوَازِنُ خَلْفَهُ إِذَا أَدْرَكَ النَّاسَ طَعَنَ بِرُمْحِهِ، وَإِذَا فَاتَهُ النَّاسُ رَفَعَ رُمْحَهُ لِمَنْ وَرَاءَهُ فَأَتْبَعُوهُ [فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ هَوَى لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُرِيدَانِهِ، فَأَتَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْ خَلْفِهِ فَضَرَبَ عُرْقُوبَيِ الْجَمَلِ، فَوَقَعَ على


[ (٣٠) ] (أحناؤه) : جوانبه.
[ (٣١) ] عماية الصبح: ظلامه قبل أن يتبين.
[ (٣٢) ] الحكمة: ما أحاط بحنك الفرس من لجامه.
[ (٣٣) ] وذكر النووي أن الّذين ثبتوا مَعَ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى الله عليه وسلم- اثنا عشر رجلا، ووقع في شعر الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أن الذين ثبتوا معه كانوا عشرة فقط، وذلك لقوله:
نصرنا رسول الله في الحرب تسعة ... وقد فر من قد فرّ عنه فأقشعوا
وعاشرنا لاقى الحمام بنفسه ... لما مسّه في الله لا يتوجّع
قال الحافظ: ولعلّ هذا هو الأثبت، ومن زاد على ذلك يكون عجل في الرجوع فعدّ فيمن لم ينهزم.