للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالرِّيحِ وَالْحَرِّ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ فِي ظِلٍّ بَارِدٍ وَمَاءٍ بَارِدٍ وَطَعَامٍ مُهَيَّأٍ وَامْرَأَةٍ حَسْنَاءَ فِي مَالِهِ مُقِيمٌ؟! مَا هَذَا بِالنَّصَفِ، ثُمَّ قَالَ: لَا وَاللهِ لَا أُدْخُلُ عَرِيشَ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا حَتَّى أَلْحَقَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم، فَهَيِّئَا لِي زَادًا فَفَعَلَتَا، ثُمَّ قَدَّمَ نَاضِحَهُ فَارْتَحَلَهُ، ثُمَّ خَرَجَ فِي طَلَبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَدْرَكَهُ بِتَبُوكَ حِينَ نَزَلَهَا، وَقَدْ كَانَ أَدْرَكَ أَبَا خَيْثَمَةَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ [فِي الطَّرِيقِ يَطْلُبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ] [ (٩) ] فَتَرَافَقَا حَتَّى إِذَا دَنَوَا مِنْ تَبُوكَ، قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ لِعُمَيْرِ بْنِ وَهْبٍ: إِنَّ لِي ذَنْبًا [فَلَا عَلَيْكَ أَنْ] [ (١٠) ] تَخَلَّفَ عَنِّي حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، فَفَعَلَ فَسَارَ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ نَازِلٌ بِتَبُوكَ قَالَ النَّاسُ هَذَا رَاكِبٌ عَلَى الطَّرِيقِ مُقْبِلٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ» ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! هُوَ وَاللهِ أَبُو خَيْثَمَةَ، فَلَمَّا أَنَاخَ أَقْبَلَ فَسَلَّمَ عَلَى رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: «أَوْلَى لَكَ أَبَا خَيْثَمَةَ» [ (١١) ] ثُمَّ أَخْبَرَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْخَبَرَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا وَدَعَا لَهُ بِخَيْرٍ [ (١٢) ] .

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا


[ (٩) ] ما بين الحاصرتين ليس في (أ) .
[ (١٠) ] الزيادة من سيرة ابن هشام (٤: ١٣٣) .
[ (١١) ] (أولى لك) كلمة فيها معنى التهديد، وهو اسم سمي به الفعل، ومعناها فيما قال المفسرون:
«دنوت من الهلكة» .
[ (١٢) ] رواه ابن هشام في السيرة (٤: ١٣٣- ١٣٤) ، وقال: قال أبو خيثمة في ذلك شعرا، واسمه مالك بن قيس:
لمّا رأيت النّاس في الدّين نافقوا ... أتيت الّتي كانت أعفّ وأكرما
وبايعت باليمنى يدي لمحمّد ... فلم أكتسب إثما ولم أغش محرما
تركت خضيبا في العريش وصرمة ... صفايا كراما بسرها قد تحمّما
وكنت إذا شكّ المنافق أسمحت ... إلى الدّين نفسي شطره حيث يمّما
ونقل الخبر الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٥: ٨) .