للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْبَقَرُ حَتَّى جَعَلَتْ تَحْتَكُّ بِبَابِ الْحِصْنِ، وَأُكَيْدِرُ يَشْرَبُ وَيَتَغَنَّى فِي حِصْنِهِ بَيْنَ امْرَأَتَيْهِ، فَاطَّلَعَتْ إِحْدَى امْرَأَتَيْهِ فَرَأَتِ الْبَقَرَ تَحْتَكُّ بِالْبَابِ، وَالْحَائِطِ. فَقَالَتِ:

امْرَأَتُهُ: لَمْ أَرَ كَاللَّيْلَةِ فِي اللَّحْمِ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ فَقَالَتْ: هَذِهِ الْبَقَرَةُ [ (٦) ] تَحْتَكُّ بِالْبَابِ وَالْحَائِطِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أُكَيْدِرُ ثَارَ فَرَكِبَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ مُعَدَّةٍ، وَرَكِبَ عَلَمَتُهُ وَأَهْلُهُ فَطَلَبَهَا حَتَّى مَرَّ بِخَالِدٍ وَأَصْحَابِهِ فَأَخَذُوهُ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ فَأَوْثَقُوهُمْ، وَذَكَرَ خَالِدٌ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ خَالِدٌ لِأُكَيْدِرَ: أَرَأَيْتَكَ إِنْ أَجَرْتُكَ تَفْتَحْ لِي دُومَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ.

فَانْطَلَقَ حَتَّى دَنَا مِنْهَا، فَثَارَ أَهْلُهَا وَأَرَادُوا أَنْ يَفْتَحُوا لَهُ فَأَبَى عَلَيْهِمْ أَخُوهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ لِخَالِدٍ: أَيُّهَا الرَّجُلُ خَلِّنِي فَلَكَ اللهُ لَأَفْتَحَنَّهَا لَكَ إِنَّ أَخِي لَا يَفْتَحُهَا لِي مَا عَلِمَ أَنِّي فِي وَثَاقِكَ، فَأَرْسَلَهُ خَالِدٌ فَفَتَحَهَا لَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ أَوْثَقَ أَخَاهُ وَفَتَحَهَا لِخَالِدٍ، ثُمَّ قَالَ: اصْنَعْ مَا شِئْتَ، فَدَخَلَ خَالِدٌ وَأَصْحَابُهُ فَذَكَرَ خَالِدٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَهُ قَوْلَ رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالَّذِي أَمَرَهُ، فَقَالَ لَهُ أُكَيْدِرُ: وَاللهِ مَا رَأَيْتُهَا قَطُّ جَاءَتْنَا إِلَّا الْبَارِحَةَ يُرِيدُ الْبَقَرَ، وَلَقَدْ كُنْتُ أُضَمِّرُ لَهَا إِذَا أَرَدْتُ أَخْذَهَا، فَأَرْكَبُ لَهَا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ، وَلَكِنْ هَذَا الْقَدَرُ ثُمَّ قَالَ: يَا خَالِدُ إِنْ شِئْتَ حَكَّمْتُكَ، وَإِنْ شِئْتَ حَكَّمْتَنِي. فَقَالَ خَالِدٌ: بَلْ نَقْبَلُ مِنْكَ مَا أَعْطَيْتَ، فَأَعْطَاهُمْ ثَمَانِمِائَةٍ مِنَ السَّبْيِ، وَأَلْفَ بَعِيرٍ، وَأَرْبَعِمِائَةِ دِرْعٍ، وَأَرْبَعِمِائَةِ رُمْحٍ، وَأَقْبَلَ خَالِدٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِأُكَيْدِرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [وَأَقْبَلَ مَعَهُ يُحَنَّةُ بْنُ رُومَةَ عَظِيمُ أَيْلَةَ، فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَاتَّفَقَ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ كَمَا بَعَثَ إِلَيَّ أُكَيْدِرُ فَاجْتَمَعَا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] [ (٧) ] وَقَاضَاهُمَا عَلَى قَضِيَّةِ دُومَةِ [الْجَنْدَلِ] [ (٨) ] وَعَلَى تَبُوكَ وَعَلَى أَيْلَةَ، وَعَلَى تَيْمَاءَ، وكتب لهما كتابا [ (٩) ] .


[ (٦) ] في (ك) : «البقر» .
[ (٧) ] الزيادة من (ح) .
[ (٨) ] من (ح) .
[ (٩) ] ونقله الحافظ ابن كثير في التاريخ (٥: ١٧) مختصرا.