للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُذَيْفَةُ غَضَبَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، فَرَجَعَ وَمَعَهُ مِحْجَنٌ، فَاسْتَقْبَلَ وُجُوهَ رَوَاحِلِهُمْ، فَضَرَبَهَا ضَرْبًا بِالْمِحْجَنِ، وَأَبْصَرَ الْقَوْمَ وَهُمْ مُتَلَثِّمُونَ، لَا يَشْعُرُ إِنَّمَا ذَلِكَ فِعْلُ الْمُسَافِرِ، فَرَعَّبَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ حِينَ أَبْصَرُوا حُذَيْفَةَ، وَظَنُّوا أَنَّ مَكْرَهُمْ قَدْ ظَهَرَ عَلَيْهِ، فَأَسْرَعُوا حَتَّى خَالَطُوا النَّاسَ، وَأَقْبَلَ حُذَيْفَةُ حَتَّى أَدْرَكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ، قَالَ: اضْرِبِ الرَّاحِلَةَ يَا حُذَيْفَةُ، وَامْشِ أَنْتَ يَا عَمَّارُ، فَأَسْرَعُوا حَتَّى اسْتَوَى بِأَعْلَاهَا فَخَرَجُوا مِنَ الْعَقَبَةِ يَنْتَظِرُونَ النَّاسَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم لِحُذَيْفَةَ: هَلْ عَرَفْتَ يَا حُذَيْفَةُ مَنْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطُ أَوِ الرَّكْبُ، أَوْ أَحَدًا مِنْهُمْ؟ قَالَ حُذَيْفَةُ: عَرَفْتُ رَاحِلَةَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَقَالَ: كَانَتْ ظُلْمَةُ اللَّيْلِ، وَغَشِيتُهُمْ وَهُمْ مُتَلَثِّمُونَ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ عَلِمْتُمْ مَا كَانَ شَأْنُ الرَّكْبِ وَمَا أَرَادُوا؟ قَالُوا: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَإِنَّهُمْ مَكَرُوا لِيَسِيرُوا مَعِي حَتَّى إِذَا أَظْلَمَتْ فِي الْعَقَبَةِ طَرَحُونِي مِنْهَا، قَالُوا: أَفَلَا تَأْمُرُ بِهِمْ يَا رَسُولَ اللهِ إِذَا جَاءَكَ النَّاسُ فَتَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ؟ قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ وَيَقُولُوا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ وَضَعَ يَدَهُ فِي أَصْحَابِهِ، فَسَمَّاهُمْ لَهُمَا، وَقَالَ: اكْتُمَاهُمْ [ (٤) ] .

وأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:

فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّنِيَّةَ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم: أَنْ خُذُوا بَطْنَ الْوَادِي فَهُوَ أَوْسَعُ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَخَذَ الثَّنِيَّةَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي مَكْرِ الْمُنَافِقِينَ بِنَحْوٍ مِمَّا ذَكَرْنَا فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ إِلَى قَوْلِهِ لِحُذَيْفَةَ: هَلْ عَرَفْتَ مِنَ الْقَوْمِ أَحَدًا؟ فَقَالَ: لَا وَلَكِنِّي أَعْرِفُ رَوَاحِلَهُمْ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: إن الله


[ (٤) ] نقله الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٥: ١٩) ، عن المصنف، وقد روى الخبر الإمام أحمد عن أبي الطفيل، وابن سعد عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ.