للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما فرغ حسّان مِنْ قَوْلِهِ قَالَ الْأَقْرَعُ: [وَأَبِي] [ (٥) ] إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ خَطِيبُهُ أَخْطَبُ مِنْ خَطِيبِنَا، وَشَاعِرُهُ أَشْعُرُ مِنْ شَاعِرِنَا، وَأَصْوَاتُهُمْ أَعْلَى مِنْ أَصْوَاتِنَا.

فَلَمَّا فَرَغُوا أَجَازَهُمْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فَأَحْسَنَ جَوَائِزَهُمْ، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ قَدْ خَلَّفَهُ الْقَوْمُ فِي ظَهْرِهِمْ، وَكَانَ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا، فَقَالَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ وَكَانَ يُبْغِضُ ابْنَ الْأَهْتَمِ: يَا رَسُولَ اللهِ عَلَيْكَ السَّلَامُ إِنَّهُ قَدْ كَانَ غلام مِنَّا فِي رِحَالِنَا، وَهُوَ غُلَامٌ حَدَثٌ وَأَزْرَى بِهِ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا أَعْطَى الْقَوْمَ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ- حِينَ بَلَغَهُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ قَيْسٍ- يهجوه، فذكر بياتا قالهنّ [ (٦) ] .


[ () ]
سجيّة تلك منهم غير محدثة ... إنّ الخلائق فاعلم شرّها البدع
إن كان في النّاس سبّاقون بعدهم ... فكلّ سبق لأدنى سبقهم تبع
لا يرقع النّاس ما أوهت أكفّهم ... عند الدّفاع ولا يوهون ما رقعوا
إن سابقوا النّاس يوما فاز سبقهم ... أو وازنوا أهل مجد بالنّدى متعوا
أعفّة ذكرت في الوحي عفّتهم ... لا يطبعون ولا يرديهم طمع
لا يبخلون على جار بفضلهم ... ولا يمسّهم من مطمع طبع
إذا نصبنا لحيّ لم ندبّ لهم ... كما يدبّ إلى الوحشيّة الذّرع
نسموا إذا الحرب نالتنا مخالبها ... إذا الزّعانف من أظفارها خشعوا
لا يفخرون إذا نالوا عدوّهم ... وإن أصيبوا فلا خور ولا هلع
كأنّهم في الوغى والموت مكتنع ... أسد بحلية في أرساغها فدع
خذ منهم ما أتى عفوا إذا غضبوا ... ولا يكن همّك الأمر الّذي منعوا
فإنّ في حربهم، فاترك عداوتهم ... شرّا يخاض عليه السّمّ والسّلع
أكرم بقوم رسول الله شيعتهم ... إذا تفاوتت الأهواء والشّيع
أهدى لهم مدحتي قلب يوازره ... فيما أحبّ لسان حائك صنع
فإنّهم أفضل الأحياء كلّهم ... إن جدّ بالنّاس جدّ القول أو شمعوا
[ (٥) ] الزيادة من سيرة ابن هشام (٤: ١٧٨) .
[ (٦) ] الخبر كله في سيرة ابن هشام (٤: ١٧٨) ، ونقله ابن كثير في التاريخ (٥: ٤٢- ٤٤) . وقال عمرو بن الأهتم:
فإن كنتم جئتم لحقن دمائكم ... وأموالكم أن تقسموا في المقاسم
فلا تجعلوا لله ندّا وأسلموا ... ولا تلبسوا زيّا كزيّ الأعاجم