[ (٣) ] وتفصيل الخبر رواه ابن هشام في السيرة (٤: ١٨٩) ، قال: وأما عدي بن حاتم فكان يقول- فيما بلغني-: ما من رجل من العرب كان أشد كراهية لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَمِعَ به مني، أما أنا فكنت امرأ شريفا، وكنت نصرانيا، وكنت أسير في قومي بالمرباع، فكنت في نفسي على دين، وكنت ملكا في قومي لما كان يصنع بي، فلما سمعت بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم كرهته، فقلت لغلام كان لي عربي وكان راعيا لإبلي: لا أبالك، أعدد لي من إبلي أجمالا ذللا سمانا فاحتبسها قريبا مني فإذا سمعت بجيش لمحمد قد وطئ هذه البلاد فآذني، ففعل. ثم (إنه) أتاني ذات غداة فقال: يا عدي، ما كنت صانعا إذا غشيتك خيل محمد فاصنعه الآن، فإني قد رأيت رايات، فسألت عنها، فقالوا: هذه جيوش محمد. قال: فقلت: فقرب إليّ أجمالي، فقربها، فاحتملت بأهلي وولدي، ثم قلت: ألحق بأهل ديني من النصارى بالشام، فسلكت الجوشية، (ويقال: الحوشية، فيما قال ابن هشام) وخلفت بنتا لحاتم في الحاضر. فلما قدمت الشام أقمت بها، وتخالفني خيل لرسول الله صلّى الله عليه وسلم فتصيب ابنة حاتم فيمن أصابت، فقدم بها على رسول الله صلّى الله عليه وسلم في سبايا من طيء، وقد بلغ رسول الله صلّى الله عليه وسلم هربي إلى الشام. قال: فجعلت بنت حاتم في حظيرة بباب المسجد، كانت السبايا تحبس فيها، فمر بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقامت إليه، وكانت امرأة جزلة، فقال: يا رسول الله، هلك الوالد، وغاب الوافد، فامنن عليّ منّ الله عليك. قال: «ومن وافدك؟» قالت: عدي بن حاتم، قال: «الفار من الله ورسوله؟» قالت: ثم مضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وتركني، حتى إذا كان من الغد مر بي، فقلت له مثل ذلك، وقال لي مثل ما قال بالأمس. قالت: حتى إذا كان بعد الغد مر بي، وقد يئست منه، فأشار إليّ رجل من خلفه: أن قومي فكلميه. قالت: فقمت إليه، فقلت: يا رسول الله، هلك الوالد، وغاب الوافد، فامنن عليّ منّ الله عليك، فقال صلّى الله عليه وسلم: «قد فعلت فلا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون