عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: حدثتني أم أيمن قالت: كانت بوانة صنما تحضره قريش لتعظمه: تنسك له النسائك، ويحلقون رؤوسهم عنده، ويعكفون عنده يوما إلى الليل، وذلك يوما في السنة. وكان أبو طالب يحضره مع قومه. وكان يكلم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يحضر ذلك العيد مع قوه. فيأبى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذلك حتى رأيت أبا طالب غضب عليه، ورأيت عماته غضبن عليه يومئذ أشد الغضب، وجعلن يقلن: ما تريد يا محمد أن تحضر لقومك عيد ولا تكثر لهم جمعا؟! قالت: فلم يزالوا به حتى ذهب فغاب عنهم ما شاء الله، ثم رجع إلينا مرعوبا فزعا، فقالت له عماته: ما دهاك؟ قال: «إني أخشى ان يكون بي لمم» . فقلن: ما كان الله ليبتليك بالشيطان، وفيك من خصال الخير ما فيك فما الذي رأيت؟ قال: «إني كلما دنوت من صنم منها: تمثل لي رجل أبيض، يصيح بي: وراءك يا محمد: لا تمسّه» قالت: فما عاد إلى عيد لهم حتى تنبأ» . وهكذا كانت حياته صلّى الله عليه وسلّم حياة زكية طاهرة، من الآثام التي تدنس الشباب في مجتمعاتهم، بعيدة عن الشرك، لم يسجد لصنم قط، بعيدا عن معايب الجاهلية، ومفاسدها. ولا يطمئنّ بعض الجاهلين، ومعهم المستشرقين إلى قصة «شقّ الصدر» واستخراجه، ومعالجته، سواء التي حدثت للنبي صلّى الله عليه وسلّم وهو عند حليمة السعدية، أو ما ورد من شق الصدر واستخراج القلب في معجزة الإسراء والمعراج. وابن حبان منذ أكثر من ألف سنة يناقش الموضوع ويعتبره من معجزات النبوة ويقول: «كان ذلك له فضيلة فضّل بها على غيره، وانه من معجزات النبوة، إذ البشر إذا شقّ عن موضع القلب منهم، ثم استخرج قلوبهم ماتوا» . [صحيح ابن حبان (١: ١٤٠) من تحقيقنا] . فإذا كان ابن حبان يقول معبرا عن العصر الذي عاش فيه «إذ البشر إذا شقّ عن موضع القلب منهم، ثم استخرج قلوبهم، ماتوا» فهذا فعلا كان في عصر ابن حبان المتوفى (٣٥٤) هجرية، لا بل هو إلى عهد قريب جدا. وتقدّم العلم، والطّبّ، والجراحة، والتخدير، والعمليات الجراحية صارت تجرى في غرف معقمة، وبوسائل مختلفة، وتقنية جدّ ماهرة، فأمكن للجراحين اليوم من إجراء مختلف انواع