للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُطَّلِبِ، فَلَمَّا صَارَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ تَلَقَّاهُ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ، فَصَارَا جَمِيعًا يَسِيرَانِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذَا النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَائِمٌ تَحْتَ شَجَرَةٍ يَجْذِبُ أَغْصَانَهَا، وَيَعْبَثُ بِالْوَرَقِ،

فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: مَنْ أَنْتَ يَا غُلَامُ؟ فَقَالَ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: فَدَتْكَ نَفْسِي، وَأَنَا جَدُّكَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ. ثُمَّ احْتَمَلَهُ، وَعَانَقَهُ [ (٣٤٩) ] ،

وَلَثَمَهُ، وَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ، وَجَعَلَ يَبْكِي، ثُمَّ حَمَلَهُ عَلَى قَرَبُوسِ سَرْجِهِ، وَرَدَّهُ إِلَى مَكَّةَ، فَاطْمَأَنَّتْ قُرَيْشٌ فَلَمَّا اطْمَأَنَّ النَّاسُ نَحَرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ عِشْرِينَ جَزُورًا، وَذَبَحَ الشَّاءَ [ (٣٥٠) ] وَالْبَقَرَ، وَجَعَلَ طَعَامًا، وَأَطْعَمَ أَهْلَ مَكَّةَ.

قَالَتْ حَلِيمَةُ: ثُمَّ جَهَّزَنِي عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بِأَحْسَنِ الْجِهَازِ وَصَرَفَنِي، فَانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي وَأَنَا بِكُلِّ خَيْرِ دُنْيَا، لَا أُحْسِنُ وَصْفَ كُنْهِ خَيْرِي. وَصَارَ مُحَمَّدٌ عِنْدَ جَدِّهِ.

قَالَتْ حَلِيمَةُ: وَحَدَّثْتُ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بِحَدِيثِهِ كُلِّهِ، فَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ وَبَكَى، وَقَالَ: يَا حَلِيمَةُ، إن لا بني شَأْنًا، وَدِدْتُ أَنِّي أُدْرِكُ ذَلِكَ الزَّمَانَ.

* أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ [ (٣٥١) ] ، عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُمْ قَالُوا لَهُ:

أَخْبِرْنَا عَنْ نَفْسِكَ. فَذَكَرَ الحديث. قال:


[ (٣٤٩) ] في (ح) : «ثم احتمله على عاتقه، ولثمه..» .
[ (٣٥٠) ] في (ص) : «الشاة» تصحيف.
[ (٣٥١) ] في سيرة ابن هشام: «قال ابن إسحق: حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، ولا احسبه إلا عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ القلاعي....» .