للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنَّمَا أَرَادَ هَلَاكَ قَيْصَرَ الَّذِي كَانَ مَلِكَ الشَّامِ وَتَنْحِيَةَ مُلْكِ الْأَقَاصِرَةِ عَنْهَا فَصَدَّقَ اللهُ تَعَالَى قَوْلَ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ وَنَحَّى عَنِ الشَّامِ مُلْكَ الْأَقَاصِرَةِ وَنَحَّى عَنِ الدُّنْيَا مُلْكَ الْأَكَاسِرَةِ وَبَقِيَ لِلْأَقَاصِرَةِ مُلْكٌ بِالرُّومِ لِقَوْلِهِ: «ثَبَتَ مُلْكُهُ» حِينَ أَكْرَمَ كِتَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنْ يَقْضِيَ اللهُ تَعَالَى فَتْحَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَلَمْ يَبْقَ لِلْأَكَاسِرَةِ مُلْكٌ لِقَوْلِهِ: «تَمَزَّقَ مُلْكُهُ» حِينَ مَزَّقَ كِتَابَهُ.

وَقَدْ مَضَى كَلَامُ الشَّافِعِيِّ- رَحِمَهُ اللهُ- فِي هَذَا وَفِي قَوْلِهِ: «لَتُنْفِقُنَّ كُنُوزَهُمَا فِي سَبِيلِ اللهِ» إِشَارَةً إِلَى صِحَّةِ خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- لِأَنَّ كُنُوزَهُمَا نُقِلَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ، بَعْضُهَا فِي زَمَانِ أَبِي بَكْرٍ وَأَكْثَرُهَا فِي زَمَانِ عُمَرَ وَقَدْ أَنْفَقَاهَا فِي الْمُسْلِمِينَ فَعَلِمْنَا أَنَّ مَنْ أَنْفَقَهَا كَانَ لَهُ إنفاقها وكان واليّ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ مُصِيبًا فِيمَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ وَجَدْتُ فِي كِتَابِي بِخَطِّ يَدَيَّ عَنْ أَبِي دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدَ بْنَ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أُتِيَ بِفَرْوَةِ كِسْرَى فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَفِي الْقَوْمِ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ قَالَ: فَأَلْقَى إِلَيْهِ سِوَارَيْ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ فَجَعَلَهُمَا فِي يَدَيْهِ فَبَلَغَا مَنْكِبَيْهِ فَلَمَّا رَآهُمَا فِي يَدَيْ سُرَاقَةَ قَالَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ- سِوَارَيْ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ فِي يَدِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ أَعْرَابِيٌّ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ- رَحِمَهُ اللهُ: وَإِنَّمَا أَلْبَسَهُمَا سُرَاقَةَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِسُرَاقَةَ. وَنَظَرَ إِلَى ذِرَاعَيْهِ: كَأَنِّي بِكَ قَدْ لَبِسْتَ سِوَارَيْ كسرى.


[ () ] فيتمنى ان يكون مكان الميت، الحديث (٧٦) ، ص (٤: ٢٢٣٧) .
والحديث عند البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ في ٨٣- كتاب الأيمان (٣) باب كيف كانت يَمِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم، الحديث (٦٢٢٩) فتح الباري (١١: ٥٢٣) ، وبعده عن أبي هريرة الحديث (٦٦٣٠) .
وأخرجه الإمام احمد في «مسنده» (٢: ٣١٢، ٤٦٧، ٥٠١) .