للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] قال ابن عبد البر لا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن انها نزلت فيه وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعثه مصدقا الى بني المصطلق فعاد فأخبر عنهم انهم ارتدوا ومنعوا الصدقة وكانوا خرجوا يتلقونه وعليهم السلاح فظن انهم خرجوا يقاتلونه فرجع فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خالد بن الوليد فأخبره بأنهم على الإسلام فنزلت هذه الآية.
قلت: هذه القصة أخرجها عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن قتادة قال وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الوليد بن عقبة الى بني المصطلق فتلقوه فعرفهم فرجع فقال ارتدوا فبعث رسول الله إليهم خالد بن الوليد فلما دنا منهم بعث عيونا ليلا فإذا هم ينادون بالصلاة ويصلون فأتاهم خالد فلم ير منهم الا طاعة وخيرا فرجع الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره فنزلت هذه الآية وأخرجه عبد بن حميد عن يونس بن محمد عن شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة نحوه ومن طريق الحكم بن أبان عن عكرمة نحوه ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد كذلك وأخرجها الطبراني موصولة عن الحرث بن أبي ضرار المصطلقي مطولة وفي المسند من لا يعرف.
ويعارض ذلك ما أخرجه أبو داود في السنن من طريق ثابت بن الحجاج عن أبي موسى عبد الله الهمداني عن الوليد بن عقبة قال لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكة جعل أهل مكة يأتونه بصبيانهم فيمسح على رؤوسهم فأتي بي إليه وانا مخلق فلم يمسني من أجل الخلوق قال ابن عبد البر أبو موسى مجهول ومن يكون صبيا يوم الفتح لا يبعثه النبي صلى الله عليه وآله وسلم مصدقا بعد الفتح بقليل وقد ذكر الزبير وغيره. من أهل العلم بالسيران أم كلثوم بنت عقبة لما خرجت الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم مهاجرة في الهدنة سنة سبع خرج أخواها الوليد وعمارة ليرداها قال فمن يكون صبيا يوم الفتح كيف يكون ممن خرج ليرد أخته قبل الفتح.
(قلت) وما يؤيد أن أنه كان في الفتح رجلا انه كان قدم في فداء ابن عمر أبيه الحرث بن أبي وجزة ابن أبي عمرو بن أمية وكان أسر يوم بدر فافتداه باربعة آلاف حكاه اصحاب المغازي ونشأ الوليد بعد ذلك في كنف عثمان الى أن استخلف فولاه الكوفة بعد عزل سعد بن أبي وقاص واستعظم الناس ذلك وكان الوليد شجاعا شاعرا جوادا قال مصعب الزبيري وكان من رجال قريش وسراتهم وقصة صلاته بالناس الصبح أربعا وهو سكران مشهورة مخرجة وقصة عزله بعد أن ثبت عليه شرب الخمر مشهورة ايضا مخرجة في الصحيحين وعزله عثمان بعد جلده عن الكوفة وولاها سعيد بن العاص.
ويقال ان بعض اهل الكوفة تعصبوا عليه فشهدوا عليه بغير الحق حكاه الطبري واستنكره ابن عبد البر ولما قتل عثمان اعتزل الوليد الفتنة فلم يشهد مع علي ولا مع غيره ولكنه كان يحرض معاوية على قتال علي بكتبه وبشعره ومن ذلك ما كتب به الى معاوية لما أرسل اليه على جرير يأمره بأن يدخل في الطاعة ويأخذ البيعة على أهل الشام فبلغ ذلك الوليد فكتب اليه من أبيات:
أتاك كتاب من علي بخطه* هي الفصل فاختر سلمه او تحاربه فان كنت تنوي ان تجيب كتابه* فقبح ممليه وقبح كاتبه