في الحديث الصحيح من أن رجلا قال لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اني رأيت رأسي قطع وانا اتبعه» الحديث المعروف، وهذه هي الرؤيا الشيطانية التي ورد الحديث بأنها تحزين من الشيطان أو تلعب منه بالإنسان، ومن هذا النوع الاحتلام فانه من الشيطان، ولهذا لا تحتلم الأنبياء عليهم السلام. ومن أمارات الرؤيا الفاسدة ان يكون ما رآه في النوم قد رآه في اليقظة وأدركه حسه بعهد قريب قبل نومه وصورته باقية في خياله فيراه بعينها في نومه. (ومنها) ان يرى ما قد حدثته به نفسه في اليقظة ويكون مما تفكر فيه قبل النوم بمدة قريبة: اما مما قد مضى، او من الحالي، او مما ينتظر في المستقبل. (ومنها) ان يكون ما رآه مناسبا لما هو عليه من تغيير المزاج بأن تغلب عليه الحرارة من الصفراء فيرى في نومه النيران والشمس المحرقة، أو يغلب عليه البرودة فيرى الثلوج، او يغلب عليه الرطوبة فيرى الأمطار والمياه، او يغلب عليه اليبوسة والسوداء فيرى الأشياء المظلمة والأهوال، فالرؤيا السوداوية، فجميع هذه الأنواع فاسدة لا تعبير لها، فإذا سلم الإنسان في رؤياه من هذه الأمور وغلب على الظن سلامة رؤياه من الفساد ووقعت العناية بتعبيرها، وإذا انضم الى ذلك كونه من اهل الصدق والصلاح قوى الظن بكونها صادقة صالحة وفي الحديث الثابت عنه صلّى الله عليه وسلم «أصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا» . ومن امارات صدقها من حيث الزمان كونها في الأسحار لحديث ابي سعيد الخدري- رضي الله عنه- أصدق الرؤيا بالأسحار» . وكونها عند اقتراب الزمان ل قوله صلّى الله عليه وسلم فيما صح عنه: «إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب» . واقتراب الزمان قيل: هو اعتداله وقت استواء الليل والنهار، ويزعم المعبرون ان أصدق الرؤيا ما كان ايام الربيع، وقيل: اقتراب الزمان قرب قيام الساعة، ومن امارات صلاحها: ان يكون تبشير بالثواب على الطاعة، او تحذير من المعصية، ثم ان القطع على الرؤيا بكونها صالحة لا سبيل اليه انما هو غلبة الظن، ونظير ذلك من حال اليقظة الخواطر، ومعلوم ان ادراك ما هو حق منها مما هو باطل وعر الطريق ان نظن إلا ظنا والله أعلم. وقال ابن عباس: ان أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فتتعارف ما شاء الله منها، فإذا أراد جميعها الرجوع الى الأجساد امسك الله أرواح الأموات عنده، وأرسل أرواح الأحياء الى أجسادها، وفي ابن آدم نفس وروح بينهما مثل شعاع الشمس، فالنفس التي بها العقل والتمييز، والروح التي بها النفس والتحريك، فإذا نام العبد قبض الله نفسه ولمن يقبض روحه. وقال علي- رضي الله عنه- فما رأته نفس النائم وهي في السماء قبل إرسالها الى جسدها فهي الرؤيا