للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففعلوا، فَخَرَجَ، فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَكَانَ أَوَّلُ مَا ذَكَرَ، بعد حمد الله وثناء عَلَيْهِ، ذِكْرَ أَصْحَابِ أُحُدٍ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَدَعَا لَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ! إِنَّكُمْ قَدْ أَصْبَحْتُمْ تَزِيدُونَ، وَالْأَنْصَارُ عَلَى هَيْئَتِهَا لَا تَزِيدُ، وَإِنَّهُمْ عَيْبَتِي الَّتِي أَوَيْتُ إِلَيْهَا، فَأَكْرِمُوا كَرِيمَهُمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللهِ قَدْ خَيَّرَهُ اللهُ بَيْنَ الدُّنْيَا، وَبَيْنَ مَا عِنْدَ اللهِ» ، فَفَهِمَهَا أَبُو بَكْرٍ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، فَبَكَى ثُمَّ قَالَ: بَلْ نَحْنُ نَفْدِيكَ بِأَنْفُسِنَا وَأَبْنَائِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَى رِسْلِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ.

انْظُرُوا إِلَى هَذِهِ الْبُيُوتِ الشَّارِعَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَسُدُّوهَا، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَفْضَلَ عِنْدِي يَدًا فِي الصُّحْبَةِ مِنْهُ»

[ (١٣) ] .

هَذَا وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَفِيهِ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ تَارِيخِ هَذِهِ الْخُطْبَةِ، وَأَنَّهَا كَانَتْ بعد ما اغْتَسَلَ، لِيَعْهَدَ إِلَى النَّاسِ، وَيَنْعِيَ نَفْسَهُ إِلَيْهِمْ.

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ:

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَاقِدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ زُبَيْدِ بْنِ طُوسَا، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، عَنِ أُمِّ ذَرَّةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاصِبًا رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى الْمِنْبَرِ، فَأَحْدَقَ النَّاسُ بِالْمِنْبَرِ، [وَاسْتَكْفَوْا] ، فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَقَائِمٌ عَلَى الْحَوْضِ السَّاعَةَ» ، ثُمَّ تَشَهَّدَ، فَلَمَّا قَضَى تَشَهُّدَهُ، كَانَ أَوَّلُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنِ اسْتَغْفَرَ لِلشُّهَدَاءِ الَّذِينَ قُتِلُوا بِأُحُدٍ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللهِ خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا، وَبَيْنَ مَا عِنْدَ اللهِ، فَاخْتَارَ الْعَبْدُ مَا عِنْدَ اللهِ، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ، فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي، نَفْدِيكَ بِآبَائِنَا، وَأُمَّهَاتِنَا، وَأَنْفُسِنَا وَأَمْوَالِنَا، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُخَيَّرُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: على رسلك [ (١٤) ] .


[ (١٣) ] نقله ابن كثير (٥: ٢٢٩) عن المصنف، وقال: «هذا مرسل وله شواهد كثيرة» .
[ (١٤) ] نقله ابن كثير في «البداية» (٥: ٢٢٩) عن المصنف.