بَكْرٍ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَائِشَةَ. فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَنَا عَلَيْهِ، يُقَبِّلُهُ وَيَبْكِي، وَيَقُولُ: لَيْسَ مَا يَقُولُ ابْنُ الْخَطَّابِ شَيْءٌ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَطْيَبَكَ حَيًّا، وَمَا أَطْيَبَكَ مَيِّتًا، ثُمَّ غَشَّاهُ بِالثَّوْبِ، ثُمَّ خَرَجَ سَرِيعًا إِلَى الْمَسْجِدِ، يَتَوَطَّأُ رِقَابَ النَّاسِ حَتَّى آتَى الْمِنْبَرَ، وَجَلَسَ عُمَرُ حَتَّى رَأَى أَبَا بَكْرٍ مُقْبِلًا إِلَيْهِ فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى جَانِبِ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ نَادَى النَّاسَ، فَجَلَسُوا وَأَنْصَتُوا فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ، بِمَا عَلَّمَهُ مِنَ التَّشَهُّدِ، وَقَالَ:
إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَعَى نَبِيَّكُمْ إِلَى نَفْسِهِ وَهُوَ حَيٌّ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، وَنَعَاكُمْ إِلَى أَنْفُسِكُمْ، فَهُوَ الْمَوْتُ حَتَّى لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ إِلَى قَوْلِهِ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ فَقَالَ عُمَرُ: هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْقُرْآنِ وَاللهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أُنْزِلَتْ قَبْلَ الْيَوْمِ، وَقَالَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ.
ثُمَّ قَالَ: قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَقَالَ: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ، وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ وَقَالَ: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ، وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ، ثُمَّ قَالَ:
إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَمَّرَ مُحَمَّدًا- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم وَأَبْقَاهُ، حَتَّى أَقَامَ دِينَ اللهِ، وَأَظْهَرَ أَمْرَ اللهِ، وَبَلَّغَ رِسَالَةَ اللهِ، وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ، ثُمَّ تَوَفَّاهُ اللهَ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ تَرَكَكُمْ عَلَى الطَّرِيقَةِ. فَلَنْ يَهْلِكَ هَالِكٌ إِلَّا مِنْ بَعْدِ الْبَيِّنَةِ وَالشِّفَاءِ فَمَنْ كَانَ اللهُ رَبَّهُ، فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا وَيُنَزِّلُهُ إِلَهًا، فَقَدْ هَلَكَ إِلَهُهُ، وَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا النَّاسُ، وَاعْتَصِمُوا بِدِينِكُمْ، وَتَوَكَّلُوا عَلَى رَبِّكُمْ، فَإِنَّ دِينَ اللهِ قَائِمٌ، وَإِنَّ كَلِمَةَ اللهِ تَامَّةٌ، وَإِنَّ اللهَ نَاصِرُ مَنْ نَصَرَهُ وَمُعِزُّ دِينَهُ، وَإِنَّ كِتَابُ اللهِ- عَزَّ وَجَلَّ- بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وَهُوَ النُّورُ وَالشِّفَاءُ، وَبِهِ هَدَى اللهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليه وسلم وَفِيهِ حَلَالُ اللهِ وَحَرَامُهُ، وَاللهِ لَا نُبَالِي مَنْ أَجْلَبَ عَلَيْنَا مِنْ خَلْقِ اللهِ، إِنَّ سُيُوفَ اللهِ لَمَسْلُولَةٌ، مَا وَضَعْنَاهَا بَعْدُ وَلَنُجَاهِدَنَّ مَنْ خَالَفَنَا كَمَا جَاهَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم فَلَا يُبْقِيَنَّ أَحَدٌ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ مَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ، إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute