للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُعْرَفُ رِضَاهُ وَغَضَبَهُ فِي سُرُورِهِ بِوَجْهِهِ، كَانَ إِذَا رَضِيَ أَوْ سُرَّ فَكَأَنَّ وَجْهَهُ الْمِرْآةُ، وَكَأَنَّمَا الْجُدُرُ تُلَاحِكُ [ (٤٠) ] وَجْهَهُ. وَإِذَا غَضِبَ تَلَوَّنَ وَجْهُهُ وَاحْمَرَّتْ عَيْنَاهُ.

قَالَ: وَكَانُوا يَقُولُونَ: هُوَ، صلى الله عليه وسلم، كَمَا وَصَفَهُ صَاحِبُهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، رَضِيَ الله عنه.

أَمِينٌ مُصْطَفًى [ (٤١) ] لِلْخَيْرِ يَدْعُو ... كَضَوْءِ الْبَدْرِ زَايَلَهُ [ (٤٢) ] الظَّلَامُ

وَيَقُولُونَ: كَذَلِكَ كَانَ.

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كَثِيرًا مَا يُنْشِدُ قَوْلَ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى حِينَ يَقُولُ لِهَرِمِ بْنِ سِنَانٍ:

لَوْ كُنْتَ مِنْ شَيْءٍ سِوَى بَشَرٍ ... كُنْتَ الْمُضِيءَ لِلَيْلَةِ الْبَدْرِ [ (٤٣) ]

فَيَقُولُ عُمَرُ وَمَنْ سَمِعَ ذَلِكَ: كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ غَيْرُهُ.

وَكَذَلِكَ قَالَتْ عَمَّتُهُ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، بَعْدَ مَا سَارَ مِنْ مَكَّةَ مُهَاجِرًا فَجَزِعَتْ عَلَيْهِ بَنُو هَاشِمٍ فَانْبَعَثَتْ تقول:

عَيْنَيَّ جُودَا بِالدُّمُوعِ السَّوَاجِمِ ... عَلَى الْمُرْتَضَى كَالْبَدْرِ مِنْ آلِ هَاشِمِ

عَلَى الْمُرْتَضَى لِلْبِرِّ وَالْعَدْلِ وَالتُّقَى ... وَلِلدِّينِ والدنيا بهيم المعالم


[ (٤٠) ] الملاحكة: «شدة الملاءمة» . لسان العرب صفحة (٤٠١٠) ، وفي النهاية لابن الأثير (٤:
٢٣٩) : «أي يرى شخص الجدر في وجهه» .
[ (٤١) ] في (ص) : «المصطفى» .
[ (٤٢) ] في (ص) : «أيّده» .
[ (٤٣) ] ديوان زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى صفحة (٩٥) .