للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَانَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مَلِيحٌ سَرَقَ طِيبَ الْكَعْبَةِ، فَأَرَادُوا أَنْ يَشُدُّوا بُنْيَانَهَا، وَأَنْ يَرْفَعُوا بَابَهَا حَتَّى لَا يَدْخُلَهَا إِلَّا مَنْ شَاءُوا، فَأَعَدُّوا لِذَلِكَ نَفَقَةً وَعُمَّالًا، ثُمَّ عَمَدُوا إِلَيْهَا، لِيَهْدِمُوهَا عَلَى شَفَقٍ وَحَذَرٍ أَنْ يَمْنَعَهُمُ اللهُ الَّذِي أَرَادُوا، فَكَانَ أَوَّلُ رَجُلٍ طَلَعَهَا وَهَدَمَ مِنْهَا شَيْئًا: الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ، فَلَمَّا رَأَوَا الَّذِي فَعَلَ الْوَلِيدُ تَتَابَعُوا فَوَضَعُوهَا، فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ. فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَأْخُذُوا فِي بُنْيَانِهَا [ (١٠١) ] أَحْضَرُوا عُمَّالَهُمْ فَلَمْ يَقْدِرْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْضِيَ أمامه مَوْضِعِ قَدَمِهِ. وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ رَأَوْا حَيَّةً قَدْ أَحَاطَتْ بِالْبَيْتِ، رَأْسُهَا عِنْدَ ذَنَبِهَا، فَأَشْفَقُوا مِنْهَا شَفَقَةً شَدِيدَةً، وَخَشَوْا أَنْ يَكُونُوا قَدْ وَقَعُوا مِمَّا عَمِلُوا فِي هَلَكَةٍ. وَكَانَتِ الْكَعْبَةُ حِرْزَهُمْ، وَمَنَعَتْهُمْ مِنَ النَّاسِ، وَشَرَفًا لَهُمْ، فَأَشَارَ عَلَيْهِمْ- زَعَمُوا- الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ بِالَّذِي ذُكِرَ فِي هَذَا الْكِتَابِ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ ذَهَبَتِ الْحَيَّةُ فِي السَّمَاءِ وتغيبت منهم، أَنَّ ذَلِكَ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ: خَطَفَهَا طَائِرٌ فَأَلْقَاهَا نحو جياد.

فَلَمَّا سَقَطَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَالْتَبَسَ عَلَيْهِمْ أَمْرُهُمْ- قَامَ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، فَقَالَ: هَلْ لَكُمْ فِي أَمْرٍ تَبْتَغُونَ بِهِ مَرْضَاةَ رَبِّ هَذَا الْبَيْتِ؟ فَإِذَا اجْتَهَدْتُمْ رَأْيَكُمْ وَجَهَدْتُمْ جَهْدَكُمْ- نَظَرْتُمْ فَإِنْ خَلَّى الله [عَزَّ وَجَلَّ] [ (١٠٢) ] بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بُنْيَانِهَا [ (١٠٣) ] ، فَذَلِكَ الَّذِي أَرَدْتُمْ، وَإِنْ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ كَانَ ذَلِكَ وَقَدِ اجْتَهَدْتُمْ [ثُمَّ] [ (١٠٤) ] قَالُوا: أَشِرْ عَلَيْنَا. قَالَ: إِنَّكُمْ قَدْ جَمَعْتُمْ لِنَفَقَةِ هَذَا الْبَيْتِ مَا قَدْ عَلِمْتُمْ، وَإِنَّكُمْ قَدْ أَخَذْتُمْ فِي هَدْمِهِ، وَبُنْيَانِهِ، عَلَى تَحَاسُدٍ مِنْكُمْ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تُقَسِّمُوا أَرْبَعَةَ أَرْبَاعٍ عَلَى مَنَازلِكُمْ فِي الْآلِ وَالْأَرْحَامِ، ثُمَّ تُقَسِّمُوا البيت


[ (١٠١) ] في (م) و (ص) : «بنائها» .
[ (١٠٢) ] الزيادة من (م) .
[ (١٠٣) ] في (م) : «بنائها» .
[ (١٠٤) ] الزيادة من (م) .