للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ: فَقَالَ سَلْمَانُ: كُنْتُ يَتِيمًا مِنْ رَامَهُرْمُزَ [ (٥) ] ، وَكَانَ ابْنُ دِهْقَانِ [ (٦) ] رَامَهُرْمُزَ يَخْتَلِفُ إِلَى مُعَلِّمٍ [يُعَلِّمُهُ] [ (٧) ] ، فَلَزِمْتُهُ لِأَكُونَ فِي كَنَفِهِ. وَكَانَ لِي أَخٌ أَكْبَرَ مِنِّي، وَكَانَ مُسْتَغْنِيًا فِي نَفْسِهِ، وَكُنْتُ غُلَامًا فَقِيرًا، فَكَانَ إِذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ تَفَرَّقَ مَنْ يُحَفِّظُهُ، فَإِذَا تَفَرَّقُوا خَرَجَ فَتَقَنَّعَ بِثَوْبِهِ، ثُمَّ يَصْعَدُ الْجَبَلَ، فَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ مُتَنَكِّرًا، قَالَ: فَقُلْتُ: أَمَا إِنَّكَ تَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا فَلِمَ لَا تَذْهَبُ بِي مَعَكَ؟ قَالَ: أَنْتَ غُلَامٌ، وَأَخَافُ أَنْ يَظْهَرَ مِنْكَ شَيْءٌ، قَالَ: قُلْتُ:

لَا تَخَفْ. قَالَ: فَإِنَّ فِي هَذَا الْجَبَلِ قَوْمًا فِي بِرْطِيلٍ [ (٨) ] ، لَهُمْ عِبَادَةٌ وَلَهُمْ صَلَاحٌ، يَذْكُرُونَ اللهَ [تَعَالَى] [ (٩) ] ، وَيَذْكُرُونَ الْآخِرَةَ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّا عَبَدَةُ النِّيرَانِ، وَعَبَدَةُ الْأَوْثَانِ، وَأَنَّا عَلَى غَيْرِ دِينٍ، قُلْتُ: فَاذْهَبْ بِي مَعَكَ إِلَيْهِمْ.

قَالَ: لَا أَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَسْتَأْمِرَهُمْ، وَأَنَا أَخَافُ أَنْ يَظْهَرَ مِنْكَ شَيْءٌ فَيَعْلَمَ أَبِي، فَيقْتُلَ الْقَوْمَ، فَيَجْرِيَ هَلَاكُهُمْ عَلَى يَدَيَّ. قَالَ: قُلْتُ: لَمْ يَظْهَرْ مِنِّي ذَلِكَ. فَاسْتَأْمَرَهُمْ، فَأَتَاهُمْ، فَقَالَ: عِنْدِي غُلَامٌ يَتِيمٌ [ (١٠) ] فَأَحَبَّ أَنْ يَأْتِيَكُمْ وَيَسْمَعَ كَلَامَكُمْ، قَالُوا: إِنْ كُنْتَ تَثِقُ بِهِ، قَالَ: أَرْجُو أَنْ لَا يَجِيءَ مِنْهُ إِلَّا مَا أحب. قالوا: فجيء بِهِ. فَقَالَ لِي: قَدِ اسْتَأْذَنْتُ الْقَوْمَ أَنْ تَجِيءَ مَعِيَ، فَإِذَا كَانَتِ السَّاعَةُ الَّتِي [ (١١) ] رَأَيْتَنِي أَخْرُجُ فِيهَا فَأْتِنِي، وَلَا يَعْلَمُ بِكَ أَحَدٌ، فَإِنَّ أَبِي إِنْ عَلِمَ بِهِمْ قَتَلَهُمْ. قَالَ: فَلَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ الَّتِي يَخْرُجُ تَبِعْتُهُ، فَصَعِدَ الْجَبَلَ، فانتهينا


[ (٥) ] في (ص) : «رام هرمز» ، وهي كورة بالأهواز.
[ (٦) ] (الدّهقان) : بكسر الدال وضمها شيخ القرية، العارف بالفلاحة وما يصلح الأرض من الشجر، يلجأ إليه في معرفة ذلك، وهو معرّب.
[ (٧) ] الزيادة من (م) و (ص) .
[ (٨) ] (البرطيل) : حجر عظيم مستطيل.
[ (٩) ] ليست في (م) .
[ (١٠) ] في (م) و (ص) : «غلام عندي يتيم» .
[ (١١) ] في (هـ) : «الساعة الذي» .