قسطنطين الملك ولكنها لم تتمكن من أن تقطع دابر الوثنية، وتقتلع جرثومتها.
وكان نتيجة كفاحها أن اختلطت مبادئها، ونشأ من ذلك دين جديد، تتجلى فيه النصرانية والوثنية سواء بسواء.. هنالك يختلف الإسلام عن النصرانية، إذ قضى على منافسه (الوثنية) قضاء باتا، ونشر عقائده خالصة بغير غش.
«وإن هذا الامبراطور الذي كان عبدا للدنيا، والذي لم تكن عقائده الدينية تساوي شيئا، رأى لمصلحته الشخصية، ولمصلحة الحزبين المتنافسين- النصراني والوثني- أن يوحدهما ويؤلف بينهما. حتى أن النصارى الراسخين أيضا لم ينكروا عليه هذه الخطة. ولعلهم كانوا يعتقدون ان الديانة الجديدة ستزدهر إذا طعمت ونقحت بالعقائد الوثنية القديمة، وسيخلص الدين النصراني عاقبة الأمر من أدناس الوثنية وأرجاسها» .
يقول الباحث الاسلامي الكبير الأستاذ سيد قطب في خصائص التصور الاسلامي:
وقد وقع الانقسام في عقيدة النصارى، فقالت فرقة: ان المسيح انسان محض، وقالت فرقة: ان الأب والابن وروح القدس.
إن هي إلا صور مختلفة أعلن الله بها نفسه للناس. فالله- بزعمهم- مركب من أقانيم ثلاثة: الأب والابن وروح القدس (والابن هو المسيح) فانحدر الله، الذي هو الأب، في صورة روح القدس وتجسد في مريم إنسانا، وولد منها في صورة يسوع. وفرقة قالت: ان الابن ليس أزليا كالأب بل هو مخلوق من قبل العالم، ولذلك هو دون الأب وخاضع له. وفرقة أنكرت كون روح القدس أقنوما.. وقرر مجمع نيقية سنة ٣٢٥ ميلادية، ومجمع القسطنطينية سنة ٣٨١ ان الابن وروح القدس مساويان للأب في وحدة اللاهوت، وأن الابن قد ولد منذ الأزل من الأب، وأن روح القدس منبثق من الأب.. وقرر مجمع طليطلة سنة ٥٨٩ بأن روح القدس منبثق من الابن أيضا. فاختلفت الكنيسة