للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَالَ عُظَمَاءُ الْحَبَشَةِ: وَاللهِ لَئِنْ سَمِعَتْ هَذَا الْحَبَشَةُ لَتَخْلَعَنَّكَ. فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: وَاللهِ لَا أَقُولُ فِي عِيسَى غَيْرَ هَذَا أَبَدًا، وَمَا أَطَاعَ اللهُ [عَزَّ وَجَلَّ] [ (٢٦) ] النَّاسَ فِيَّ حِينَ رَدَّ إِلَيَّ مُلْكِي، فَأَنَا أُطِيعُ النَّاسَ فِي دِينِ اللهِ، مَعَاذَ اللهِ مِنْ ذَلِكَ [ (٢٧) ] .

وَكَانَ أَبُو النَّجَاشِيِّ مَلَكَ الْحَبَشَةَ، فَمَاتَ وَالنَّجَاشِيُّ غُلَامٌ صَغِيرٌ، فَأَوْصَى إِلَى أَخِيهِ: أَنْ إِلَيْكَ مُلْكُ قَوْمِي حَتَّى يَبْلُغَ ابْنِي، فَإِذَا بَلَغَ فَلَهُ الْمُلْكُ، فَرَغِبَ أَخُوهُ فِي الْمُلْكِ فَبَاعَ النَّجَاشِيَّ مِنْ بَعْضِ التُّجَّارِ، فَقَالَ لِلْتَاجِرِ: دَعْهُ حَتَّى إِذَا أَرَدْتَ الْخُرُوجَ فَآذِنِّي فَأَدْفَعَهُ إِلَيْكَ فَآذَنَهُ التَّاجِرُ بِخُرُوجِهِ فَأَرْسَلَ بِالنَّجَاشِيِّ حَتَّى أَوْقَفَهُ عِنْدَ السَّفِينَةِ وَلَا يَدْرِي النَّجَاشِيُّ مَا يُرَادُ بِهِ، فَأَخَذَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَمَّهُ الَّذِي بَاعَهُ صَعْقًا فَمَاتَ [ (٢٨) ] ، فَجَاءَتِ الْحَبَشَةُ بِالتَّاجِ فَجَعَلُوهُ عَلَى رَأْسِ النَّجَاشِيِّ، وَمَلَّكُوهُ.

فَلِذَلِكَ قَالَ النَّجَاشِيُّ: وَاللهِ مَا أَطَاعَ اللهُ النَّاسَ فِيَّ حِينَ رَدَّ [اللهُ] [ (٢٩) ] عَلَيَّ مُلْكِي وَزَعَمُوا أَنَّ التَّاجِرَ الَّذِي كَانَ ابْتَاعَهُ قَالَ: مَا لِي بُدٌّ مِنْ غُلَامِيَ الَّذِي ابْتَعْتُ أَوْ مَالِي، قَالَ النَّجَاشِيُّ: صَدَقْتَ، فَادْفَعُوا إِلَيْهِ مَالَهُ [ (٣٠) ] .

فَقَالَ النَّجَاشِيُّ حِينَ كَلَّمَهُ جَعْفَرٌ بِمَا كَلَّمَهُ وَحِينَ أَبَى أَنْ يدفعهم إلى


[ (٢٦) ] زيادة من (ص) .
[ (٢٧) ] هذه رواية ام سلمة للحديث وهي في سيرة ابن هشام (١: ٣٦٢) عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حارث بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أُمِّ سلمة، وأخرجه احمد في «مسنده» . (١: ٢٠١) و (٥: ٢٩٠) ، والهيثمي في «مجمع الزوائد» (٦: ٢٤- ٢٧) ، وقال:
«رواه احمد، ورجاله رجال الصحيح» ، ونقله الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (٣: ٧٢) .
[ (٢٨) ] في (ح) : «قعصا» وكذا في (ص) ، والأوكد انها صعقا، حيث انه اصابته صاعقة فقتلته.
[ (٢٩) ] من (ص) .
[ (٣٠) ] رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. البداية والنهاية (٣: ٧٦) ، وقال: وسياق ابن إسحاق أحسن وأبسط.