للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارَ بِإِسْنَادِهِ قِصَّةً طَوِيلَةً فِي هَذِهِ الْهِجْرَةِ.

وَهِيَ فِيمَا

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الله الحافظ وأبو بكر أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي وأبو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ «لَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْنَا مَكَّةُ وَأُوذِيَ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وَفُتِنُوا وَرَأَوْا مَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْفِتْنَةِ فِي دِينِهِمْ وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فِي مَنَعَةٍ مِنْ قَوْمِهِ وَمِنْ عَمِّهِ، لَا يَصِلُ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَكْرَهُ مِمَّا يَنَالُ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: إِنَّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مَلِكًا لَا يُظْلَمُ أَحَدٌ عِنْدَهُ فَالْحَقُوا بِبِلَادِهِ حَتَّى يَجْعَلَ اللهُ لَكُمْ فَرَجًا وَمَخْرَجًا مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ، فَخَرَجْنَا إِلَيْهَا أَرْسَالًا حَتَّى اجْتَمَعْنَا بِهَا فَنَزَلْنَا بِخَيْرِ دَارٍ وَإِلَى خَيْرِ جَارٍ آمَنَّا عَلَى دِينِنَا، وَلَمْ نَخْشَ مِنْهُ ظُلْمًا.

فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ أَنَّا قَدْ أَصَبْنَا دَارًا وَأَمْنًا اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَبْعَثُوا إِلَيْهِ فِينَا فَيُخْرِجُنَا مِنْ بِلَادِهِ، وَلِيَرُدَّنَا عَلَيْهِمْ، فَبَعَثُوا عَمْرَو بن العاص وَعَبْدُ اللهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ فَجَمَعُوا لَهُ هَدَايَا وَلِبَطَارِقَتِهِ، فَلَمْ يَدَعُوا مِنْهُمْ رَجُلًا إِلَّا هَيَّئُوا لَهُ هَدِيَّةً عَلَى حِدَةٍ، قَالُوا لَهُمَا: ادْفَعُوا إِلَى كُلِّ بِطْرِيقٍ هَدِيَّتَهُ قبل تَتَكَلَّمُوا فِيهِمْ، ثُمَّ ادْفَعُوا هَدَايَاهُ وَإِنِ اسْتَطَعْتُمَا أَنْ يَرُدَّهُمْ عَلَيْكُمْ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَكُمْ فَافْعَلُوا.

فَقَدِمَا عَلَيْنَا فَلَمْ يَبْقَ بِطْرِيقٌ مِنْ بَطَارِقَتِهِ إِلَّا قَدَّمُوا إِلَيْهِ هَدِيَّتَهُ وَكَلَّمُوهُ فَقَالُوا لَهُ إِنَّا قَدِمْنَا عَلَى هَذَا الْمَلِكِ فِي سُفَهَاءَ مِنْ سُفَهَائِنَا فَارَقُوا أَقْوَامَهُمْ فِي دِينِهِمْ وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكُمْ فَبَعَثَنَا قَوْمُهُمْ لِيَرُدَّهُمُ الْمَلِكُ عَلَيْهِمْ فَإِذَا نَحْنُ كَلَّمْنَاهُ فَأَشِيرُوا عَلَيْهِ بِأَنْ يَفْعَلَ فَقَالُوا نَفْعَلُ ثُمَّ قَدَّمُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ هَدَايَاهُ وَكَانَ مِنْ أَحَبِّ مَا يُهْدَى إِلَيْهِ مِنْ مَكَّةَ الْأُدْمُ فَلَمَّا أَدْخَلُوا عَلَيْهِ هَدَايَاهُ قَالُوا لَهُ أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّ فِتْيَةً مِنْ