للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَنْدَهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ قَالَ نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ: كَانَ يَنْهَى الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ، وَيَتَبَاعَدُ عَمَّا جَاءَ به [ (٥) ] .


[ (٥) ]
كذا جاء عن ابن عباس أيضا في تفسير القرطبي (٦: ٤٠٥) ، وتابع بقوله: وقال أهل السير: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلّم قد خرج إلى الكعبة يوما وأراد أن يصلي، فلما دخل في الصلاة قال أبو جهل- لعنه الله-: من يقوم إلى هذا الرجل فيفسد عليه صلاته. فقام ابن الزّبعرى فأخذ فرثا ودما فلطّخ به وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلّم، فانفتل النبي صلى الله عليه وآله وسلّم من صلاته، ثم أتى أبا طالب عمّه فقال: «يا عمّ ألا ترى إلى ما فعل بي» فقال أبو طالب: من فعل هذا بك؟ فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: عبد الله بن الزّبعرى، فقام أبو طالب ووضع سيفه على عاتقه ومشى معه حتى أتى القوم، فلما رأوا أبا طالب قد أقبل جعل القوم ينهضون، فقال أبو طالب:
والله لئن قام رجل لجلّلته بسيفي فقعدوا حتى دنا إليهم، فقال: يا بنيّ من الفاعل بك هذا؟ فقال:
«عبد الله بن الزّبعرى» ، فأخذ أبو طالب فرثا ودما فلطّخ به وجوههم ولحاهم وثيابهم وأساء لهم القول، فنزلت هذه الآية: وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «يا عمّ نزلت فيك آية» قال: وما هي؟ قال: «تمنع قريشا أن تؤذيني وتأبى أن تؤمن بي» فقال أبو طالب.
والله لن يصلوا إليك بجمعهم ... حتّى أوسّد في التّراب دفينا
فأصدع بأمرك ما عليك غضاضة ... وابشر بذاك وقرّ منك عيونا
ودعوتني وزعمت أنك ناصحي ... فلقد صدقت وكنت قبل أمينا
وعرضت دينا قد عرفت بأنّه ... من خير أديان البريّة دينا
لولا الملامة أو حذار مسبّة ... لوجدتني سمحا بذاك يقينا
فقالوا، يا رسول الله هل تنفع أبا طالب نصرته؟ قال: «نعم دفع عنه بذاك الغلّ ولم يقرن مع الشياطين ولم يدخل في جبّ الحيّات والعقارب إنما عذابه في نعلين من نار [في رجليه] يغلى منهما دماغه في رأسه وذلك أهون أهل النار عذابا» . وأنزل الله على رسوله: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لعمه: «قل لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة» قال: لولا تعيّرني قريش يقولون: إنما حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عينك،
فأنزل الله تعالى: «إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ» كذا الرواية المشهورة «الجزع» بالجيم والزاي ومعناه الخوف. وقال أبو عبيد: «الخرع» بالخاء المنقوطة والراء المهملة.
[قال] يعني الضّعف والخور،
وفي صحيح مسلم أيضا عن ابن عباس قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «أهون