في تثبيت الخبر الواحد، وعقد فصلا فيمن يقبل خبره، ويتكلم عن أنواع الأخبار، والمراسيل، واختلاف الحديث، والناسخ والمنسوخ من الأحاديث، ثم يخلص من ذلك إلى قوله أنه صنّف هذا الكتاب، وأورد فيه ما يشير إلى صحة كل حديث، أما الذي تركه مبهما فهو مقبول في مثل ما أخرجه، أما ما عساه أورده بإسناد ضعيف فقد أشار إلى ضعفه، وجعل الاعتماد على غيره، وذلك كقوله بعد قصة المعراج وقد رُوِيَ فِي قِصَّةِ الْمِعْرَاجِ سِوَى مَا ذَكَرْنَا أَحَادِيثُ بِأَسَانِيدَ ضِعَافٍ وَفِيمَا ثبت غنية» .
ويعتمد البيهقي أساسا على الصحيحين، وينقل منهما كثيرا ويشير الى ذلك، ثم ينقل عن سنن أبي داود ولا يشير الى ذلك، وبعض الأحاديث رأيت أنه نقلها من سنن الترمذي وقد خرجتها كلها في الحواشي، كما ينقل من مسند الإمام أحمد، وموطأ مالك، وسنن ابن ماجة، وسنن النسائي الكبرى وسنن الدارمي.
ويأخذ عن مستدرك الحاكم، وعن شيخ الحاكم ابن حبان.
كما يأخذ عَنْ مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ولم يصل إلينا منها الا نقول في كتب، كما يأخذ عن مغازي الواقدي، ويكثر من الأخذ من سيرة ابن إسحاق.
ويوجد عنده اخبار لم ترد إلا في كتابه، وإسنادها معول عليه كأبيات الشعر «طلع البدر علينا» وبعض الأخبار الأخرى الواردة فِي حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَدٍ، وقوم تبع، وحفر زمزم، وغيرها، وعنه نقلها المصنفون بعده.
وقد يكرر في كتابه بعض الأخبار أو قد يسردها مختصرة في مكان، ومطولة في مكان آخر من كتابه، كتكراره قصة أصحاب الفيل، وتكراره لحنين الجذع فقد أوردها مرة في المنبر بعد الهجرة، وأعادها في الدلائل، وحديث أم معبد ساقه مرة فِي صِفَتِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم، ومرة في هجرته صلى الله عليه وسلم، وغيرها.
هذه الدقة في تمحيص الأخبار، وشرطه أن لا يورد من الأحاديث الا