للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكريم طرفا من ذلك.

ففي أمر إبراهيم بذبح ابنه إسماعيل: فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ، قالَ: يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ، فَانْظُرْ ماذا تَرى، قالَ: يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ [الصافات- ١٠٢] فهذه الرؤية الصادقة.

وقد يكون الاتصال بأن يكلم الله تعالى النبي مباشرة كما حصل لموسى- عليه السلام- فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ: أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ [القصص- ٣٠] .

والواسطة العادية في حصول الوحي أن يكون عن طريق جِبْرِيلَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ، بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء- (١٦٣- ١٦٥) ] .

وأحيانا كان جبريل ينزل مجسدا يراه المسلمون كما حصل في حديث أركان الإيمان والإسلام والإحسان، وأشراط الساعة، الذي روي عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وفي ختامه: «هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم» .

وحين يدعي إنسان أنه يتصل بالله ويحمل منه إلى الناس رسالة ترتّب عليهم تكاليف وواجبات، فإن من الطبيعي أن يطالبه الناس بالدليل على صدقه، ولم ير القرآن في هذا أمرا خارجا عن المعقول، فالتساؤل حتى للتعليم مطلوب وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى؟ قالَ: أَوَلَمْ تُؤْمِنْ؟

قالَ: بَلى، وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي [البقرة- ٢٦٠] .

ومن هنا ظهرت الحاجة إلى ما يثبت النبوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>