والبرزخ ينسحب عليه حكم الدنيا في استكثارهم من الأعمال وزيادة الأجور. وقال المسبكي رحمه الله تعالى: «إنا نقول إن المنقطع في الآخرة إنما هو التكليف، وقد تحصل الأعمال من غير تكليف على سبيل التلذذ بها والخضوع لله تعالى. ولهذا ورد أنهم يسبّحون ويدعون ويقرأون القرآن وانظر إلى سجود النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وقت الشفاعة، أليس ذلك عبادة وعملا؟ وعلى كلا الجوابين لا يمتنع حصول هذه الأعمال وفي مدة البرزخ» . وقد صح عن ثابت البناني التابعي أنه قال: «اللهم إن كنت أعطيت أحدا أن يصلي في قبره فأعطني ذلك» . فرؤي بعد موته يصلّي في قبره، ويكفي رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلّم لموسى قائما يصلي في قبره، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلّم وسائر الأنبياء لم يقبضوا حتى خيّروا بين البقاء في الدنيا وبين الآخرة فاختاروا الآخرة. ولا شك أنهم لو بقوا في الدنيا لازدادوا من الأعمال الصالحة ثم انتقلوا إلى الجنة، فلم لم يعلموا أن انتقالهم إلى الله تعالى أفضل لما اختاروه، ولو كان انتقالهم من هذه الدار يفوت عليهم زيادة فيما يقرب إلى الله تعالى لما اختاروه.