للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِخِلَافِكُمْ إِيَّايَ. قَالَ فَخَرَجْنَا نَسْأَلُ [ (٧) ] عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، فَلَقِينَا رَجُلًا بِالْأَبْطَحِ [ (٨) ] ، فَقُلْنَا: هَلْ تَدُلُّنَا عَلَى محمد بن عبد الله بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَقَالَ:

وَهَلْ تَعْرِفَانِهِ إِنْ رَأَيْتُمَاهُ؟ فَقُلْنَا: لَا، وَاللهِ مَا نَعْرِفُهُ. وَلَمْ نَكُنْ رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَ: فَهَلْ تَعْرِفَانِ الْعَبَّاسَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ، وَقَدْ كُنَّا نَعْرِفُهُ: كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَيْنَا بِالتِّجَارَةِ، فَقَالَ: فَإِذَا دَخَلْتُمَا المسجد فانظرا العباس، فهو الرجل الَّذِي مَعَهُ.

قَالَ: فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَالْعَبَّاسُ نَاحِيَةَ الْمَسْجِدِ جَالِسَيْنِ، قَالَ: فَسَلَّمْنَا، ثُمَّ جَلَسْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ: هَلْ تَعْرِفُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ يَا أَبَا الْفَضْلِ؟ قَالَ: نَعَمْ، هَذَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ سَيِّدُ قَوْمِهِ، وَهَذَا كَعْبُ بْنُ مالك، فو الله مَا أَنْسَى قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ «الشَّاعِرَ» ؟ قَالَ:

نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ الْبَرَاءُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي قَدْ كُنْتُ رَأَيْتُ فِيَ سَفَرِي هَذَا رَأْيًا، وَقَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَسْالَكَ عَنْهُ لِتُخْبِرَنِي عَمَّا صَنَعْتُ فِيهِ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ:

رَأَيْتُ أَنْ لَا أَجْعَلَ هَذِهِ الْبَنِيَّةَ مِنِّي بِظَهْرٍ، فَصَلَّيْتُ إِلَيْهَا. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ:

«قَدْ كُنْتَ عَلَى قِبْلَةٍ، لَوْ صَبَرْتَ عَلَيْهَا» ، فَرَجَعَ إِلَى قِبْلَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ،

وَأَهْلُهُ يَقُولُونَ: قَدْ مَاتَ عَلَيْهَا [ (٩) ] ، وَنَحْنُ أَعْلَمُ بِهِ، قَدْ رَجَعَ إِلَى قِبْلَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَصَلَّى مَعَنَا إِلَى الشام.


[ (٧) ] في (ح) : «نسل» .
[ (٨) ] عند ابن هشام: «فلقينا رجلا من أهل مكة» .
[ (٩) ] في سيرة ابن هشام: «وأهله يزعمون أنه صلى إلى الكعبة حتى مات، وليس ذلك كما قالوا، نحن أعلم به منهم، وقال عون بن أيوب الأنصاري:
ومنّا المصلّي أوّل النّاس مقبلا* على كعبة الرّحمن بين المشاعر يعني: البراء بن المعرور، وهذا البيت في قصيدة له» .