للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْكُمْ لَمْ يَأْتِهَا فَقَدْ حُبِسَ فَلْيَمْضِ صَاحِبَاهُ، فَأَصْبَحَتُ عِنْدَهَا أَنَا وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَحُبِسَ عَنَّا هِشَامُ، وَفُتِنَ فَافْتَتَنَ، وَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَكُنَّا نَقُولُ: مَا اللهُ بِقَابِلٍ مِنْ هَؤُلَاءِ تَوْبَةً: عَرَفُوا اللهَ، وَآمَنُوا بِهِ، وَصَدَّقُوا رَسُولَهُ، ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ ذَلِكَ لِبَلَاءٍ أَصَابَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا، وَكَانُوا يَقُولُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ. فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ:

قُلْ يَا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ [ (١٣) ] الْآيَةَ.

قَالَ عُمَرُ: فَكَتَبْتُهَا بِيَدِي كِتَابًا [ (١٤) ] ، ثُمَّ بَعَثْتُ بِهَا إِلَى هِشَامٍ، فَقَالَ هشام ابن الْعَاصِ: فَلَمَّا قَدِمَتْ [ (١٥) ] عَلَيَّ خَرَجْتُ بِهَا إِلَى ذِي طُوًى فَجَعَلْتُ أُصَعِّدُ بِهَا وَأَصُوبُ لِأَفْهَمُهَا، فَقُلْتُ: اللهُمَّ فَهِّمْنِيهَا فَعَرَفْتُ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِينَا، كَمَا كُنَّا نَقُولُ فِي أَنْفُسِنَا، وَيُقَالُ: فِينَا، فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ عَلَى بَعِيرِي، فَلَحِقْتُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ [ (١٦) ] فَقُتِلَ هِشَامُ شَهِيدًا بِأَجْنَادِينَ فِي وِلَايَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ» .

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جعفر:


[ () ] وهي النظافة، لأن الماء ينظف، وجمع الإضاءة إضاء، قال: النابغة:
وهنّ إضاء صافنات الغلائل وهذا الجمع يحتمل أن يكون غير مقلوب، فتكون الهمزة بدلا من الواو المكسورة في وضاء، لأن قياس الواو المكسورة يقتضي جواز الهمز، ويكون الواحد مقلوبا، لأن الواو المفتوحة لا تهمز، وقد يجوز أن يكون الجمع محمولا على الواحد فيكون مقلوبا مثله» اه ولا نسلم له أن الواو المفتوحة لا تهمز، فقد قالوا في أسماء: إن همزتها بدل من الواو وأصلها وسماء، وهي فعلاء من الوسامة، وقالوا في قولهم: امرأة أناة: إن الهمزة مبدلة من الواو وأصلها: وناة، من الونى وهو الفتور. وقال السهيلي أيضا: «وأضاة بني غفار: على عشرة أميال من مكة» اه، وقال ياقوت «أضاءة بني غفار: موضع قريب من مكة فوق سرف قرب التناضب، له ذكر في حديث المغازي وغفار: قبيلة من كنانة» اه.
[ (١٣) ] الآية الكريمة (٥٣) من سورة الزمر.
[ (١٤) ] ابن هشام، في صحيفة.
[ (١٥) ] ابن هشام: «أتتني» .
[ (١٦) ] سيرة ابن هشام (٢: ٨٦- ٨٧) .