للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْكَلْبِيُّ عَنْ زَاذَانَ مَوْلَى أم هاني، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ نَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَشْرَافِ كُلِّ قَبِيلَةٍ اجْتَمَعُوا، فَذَكَرَ مَعْنَى هَذِهِ الْقِصَّةِ إِلَى أَنَّ قَالَ: فَأَتَى جِبْرِيلُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَبِيتَ فِي مَضْجَعِهِ الَّذِي كَانَ يَبِيتُ فِيهِ وَأَخْبَرَهُ بِمَكْرِ الْقَوْمِ، فَلَمْ يَبِتْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَأَذِنَ اللهُ عِنْدَ ذَلِكَ بِالْخُرُوجِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ بَعْدَ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ فِي الْأَنْفَالِ يَذْكُرُ نِعْمَتَهُ عَلَيْهِ وَبَلَاءَهُ عِنْدَهُ: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ [ (٧) ] . وَأَنْزَلَ فِي قَوْلِهِ تَرَبَّصُوا حَتَّى يَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الشُّعَرَاءِ أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ [ (٨) ] .

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «وَأَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُ أَمْرَ اللهِ حَتَّى إِذَا اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ


[ (٧) ] سورة الأنفال آية ٣٠. وقال القرطبي (ج ٧ ص ٣٩٨) في تفسير قوله تعالى: «وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ» : المكر من الله هو جزاؤهم بالعذاب على مكرهم من حيث لا يشعرون. وقال الزمخشري (الكشاف ج ١ ص ٣٠٢) : أي مكره أنفذ من مكر غيره وأبلغ تأثيرا لأنه لا ينزل إلا ما هو حق وعدل ولا يصيب إلا بما هو مستوجب. وفي النهاية (ج ٤ ص ١٠٣) في حديث الدعاء، اللهم امكر لي ولا تمكر بي. مكر الله إيقاع بلائه بأعدائه دون أوليائه وقيل هو استدراج العبد بالطاعات فيتوهم أنها مقبولة وهي مردودة، والمعنى: ألحق مكرك بأعدائي وأصل المكر الخداع. وفي التاج: قال الليث: المكر من الله تعالى جزاء سمى باسم مكر المجازي. وقال الراغب: مكر الله إمهاله العبد وتمكينه من أغراض الدنيا. وفي الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري (طبعة القاهرة سنة ١٣٥٣ هـ ص ٢١٥) أن الكيد والمكر متغايران والشاهد أن الكيد يتعدى بنفسه والمكر يتعدى بحرف فيقال كاده يكيده ومكر به ولا يقال مكره، والذي يتعدى بنفسه أقوى. ونقل الزبيدي في التاج عن البصائر أن المكر ضربان: محمود:
وهو ما يتحرى به أمر جميل وعلى ذلك قوله تعالى: والله خير الماكرين، ومذموم: وهو ما يتحرى به فعل ذميم نحو قوله تعالى: «ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله» .
[ (٨) ] الآية (٣٠) من سورة الطور والخبر عند ابن هشام (٢: ٩٥) .