للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متماثلة، ولو كان جسماً لكان مماثلاً لغيره من الأجسام، وهذا باطل، لذلك فالصفات ممتنعة عليه، لأنها لاتقوم إلا بجسم، وهذا قول المعتزلة والفلاسفة.

أما الأشاعرة، والماتريدية، والكلابية، فقد جعلوا هذه الشبهة ذريعة لنفي الصفات باستثناء الصفات السبع، أو الثمان، التي يقولون بإثباتها١. في حين قال بعض الرافضة الأوائل كالهشامية بأن الله جسم ٢، وكذلك قالت الكرامية٣.

وخلاصة أقوال الفلاسفة والمتكلمين أن الجسم هو المؤلف المركب، إما من المادة والصورة، أو من الجواهر المفردة. وقال بعضهم الجسم هو الطويل العريض العميق، وقيل الجسم ما احتمل الأعراض. بينما قالت الكرامية الجسم هو القائم بنفسه.

٤ - نقد معنى الجسم عند الفلاسفة والمتكلمين:

يعرف أهل السنة والجماعة لفظ الجسم بمعناه الذي جاء في اللغة، والقرآن الكريم، وكلام الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهو أن الجسم هو الجسد والبدن، وقد تبين في الصفحات السابقة، أن لفظ الجسم في اصطلاح المتكلمين والفلاسفة يحمل عدة معان، تختلف عن معناه في اللغة.

وقد اختلف النظار في الأجسام - كما سبق - هل هي مركبة من الجواهر المفردة، أم من المادة والصورة، أم ليست مركبة منهما، على ثلاثة أقوال أصحها الثالث، أنها ليست مركبة لا من الجواهر المفردة ولا من المادة والصورة، وهذا قول كثير من طوائف أهل الكلام؛ كالهشامية، والضرارية، والنجارية، والكلابية، وكثير من الكرامية، وهو قول جمهور الفقهاء، وأهل الحديث، والصوفية، وغيرهم، بل هو قول أكثر العقلاء٤.

وتعريفات المتكلمين، والفلاسفة، للفظ الجسم، باطلة من الوجوه التالية:

أولاً: أن تعريفهم الجسم بالمعاني التي ذكروها، غير وارد في كتب اللغة، وليس هو معناه الذي قد ورد في كتاب الله٥. فهم إذا قالوا إن الجسم هو المؤلف، والمركب، لا


١ - انظر: شرح الأصول الخمسة ص٢١٨ - ٢٢١، المسائل الخمسون ص٣٣، التدمرية ص١١٩ - ١٢٣.
٢ - انظر: التبصير في الدين للإسفراييني ص٢٣ - ٢٤، الملل والنحل ١/١٨٤.
٣ - انظر: الملل والنحل ١/١٠٩.
٤ - انظر: مجموع الفتاوى ٩/٢٩٩.
٥ - انظر: الدرء ١/١١٨ - ١١٩، ١٠/٢٩٢، الجواب الصحيح ٤/٤٢٩، مجموع الفتاوى ١٢/٣١٦.

<<  <   >  >>