للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٤ - من حلف ألَاّ يفعل أمراً من المعروف فلا يتعلل باليمين وليكفر عن يمينه]

لقوله تعالى: {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ. .} (١).

قال الشوكاني: "أي لا تجعلوا الله حاجزاً ومانعاً لما حلفتم عليه، وذلك أن الرجل كان يحلف على بعض الخير من صلة رحم، أو إحسان إلى الغير، أو إصلاح بين الناس، بأن لا يفعل ذلك ثم يمتنع عن فعله معللاً لذلك الامتناع بأنه قد حلف أن لا يفعله وهذا المعنى هو الذي ذكره الجمهور في تفسير الآية. . . " (٢).

قال ابن عباس: "الرجل يحلف ألَاّ يصل قرابته وقد جعل الله له مخرجاً في التكفير فأمره ألا يعتل بالله فليكفر وليبر" (٣).

[٥ - لا يجوز الإصرار على اليمين إذا تأذى بها أهل الحالف]

لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثمُ له عند الله من أن يعطي كفارته التي فرض الله" (٤).

قال النووي "ومعنى الحديث أنه إذا حلف يميناً تتعلق بأهله ويتضررون بعدم حنثه ويكون الحنث ليس بمعصية فينبغي له أن يحنث فيفعل ذلك الشيء ويكفر عن يمينه فإن قال لا أحنث بل أتورع عن ارتكاب الحنث وأخاف الإثم فيه فهو مخطئ بهذا القول بل استمراره في عدم الحنث وإدامة الضرر على أهله أشد إثماً من الحِنث. واللجاج في اللغة: هو الإصرار على الشيء" (٥).

واللجاجُ هو: التمادي في العناد من تعاطي الفعل المزجور عنه (٦).

[٦ - من حلف على ما لا يملك أو على معصية أو في قطيعة رحم فلا يمين له وعليه الكفارة]

لحديث سعيد بن المسيب أن أخوين من الأنصار كان بينهما ميراث فسأل أحدهما صاحبه القسمة. فقال: لئن عُدت لتسألني القسمة لا أكلمك أبداً وكلُ مالٍ لي في رتاج الكعبة. فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- إن الكعبة لغنيةٌ عن مالك. كفِّر عن يمينك، وكلِّم أخاك. فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يمين عليك ولا نذر في معصية ولا في قطيعة رحم ولا فيما لا تملك" (٧).

-رتاج الكعبة أي: مصالحها أو زينتها (٨).

قال أبو الطيب العظيم آبادي والمعنى: لا يجب إلزام هذه اليمين عليك وإنما عليك الكفارة".


(١) البقرة (٢٢٥).
(٢) فتح القدير (١/ ٢٦٣).
(٣) سنن البيهقي (١٠/ ٣٣).
(٤) البخاري مع الفتح (١١/ ٦٣٠) برقم ٦٦٢٥، صحيح مسلم بشرح النووي (١١/ ١٧) برقم (١٦٥٥).
(٥) صحيح مسلم بشرح النووي (١١/ ١١١).
(٦) مفردات ألفاظ القرآن (٧٣٦).
(٧) أخرجه ابن حبان (١٠/ ١٩٧) برقم (٤٣٥٥) وصححه شعيب الأرنؤوط.
(٨) عون المعبود (٦/ ٢٠٨).

<<  <   >  >>