للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[السؤال الثاني عشر: نشاهد بعض الناس يتكلمون بكل ما يحلو لهم من سب وشتم وحين يستنكر عليه أحد يقول " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم" وبعض الناس يستولي على أموال غيره أي يظلمه ثم يتخلص من فعله باليمين ويكفر عنها معتقداً أن الكفارة تخلصه من الإثم، وبعض الناس يكذب ويحلف بالله وحينما تزجره يقول لك سأكفر عن يميني فنطلب من علمائنا الأفاضل الإجابة الشافية؟]

الجواب: اعلم أن يمين اللغو هي اليمين التي يحلف الإنسان فيها على شيء ظاناً وقوعه فينكشف خلافه مثل أن يحلف بأن محمداً في المسجد ظاناً أنه في المسجد ثم ينكشف بأنه قد خرج من المسجد وأنه حال اليمين لم يكن في المسجد أو هي اليمين التي تخرج من فم الإنسان من غير قصد أو عزم على اليمين مثل قول الرجل لا والله، وبلى والله فهذه اليمين لا يؤاخذ الله الحالف بها وإنما يؤاخذه باليمين المعقودة التي يحلف بها الحالف ليقتطع مال أخيه المسلم أو نحو ذلك، أما السب والشتم فهو حرام شرعاً والمؤمن ليس بلعانٍ ولا طعان، ومن سب أو شتم أو طعن في أخيه المسلم فهو آثم شرعاً واعتذاره بأنه إنما يعمل هذا العمل لكونه مستنداً لقوله تعالى"لا يؤاخذكم الله باللغو في أيْمَانِكُمْ" اعتذار غير صحيح وغير مقبول وإنما هو من باب قولهم العذر أقبح من الفعل لأنه ضم إلى السب والشتم المحرمين شرعاً شيئاً زائداً على الذنب وأقبح منه وهو تفسير الآية الكريمة بمعنى لا تدل عليه اللغة لا بمطابقة، ولا بتضمن، ولا التزام. وبما لا يدل على هذا التفسير أي دليل شرعي واعلم بأن كفارة اليمين مشروعة لكل يمين تصدر من الإنسان وإنما تكون فيما ورد النص فيه مثل أن يحلف الإنسان على شيء من الأشياء ثم يرى أن الخير في عدم هذا الشيء كمن يحلف أنه لا يكلم والده أو أخاه أو صديقه ثم يندم على اليمين حيث إنه لا خير في هجر الوالد، أو الأخ، أو الصديق. والخير كل الخير في مواصلة الأب، أو الأخ، أو الصديق، أو في عدم هجره. فمثل هذا الإنسان. المشروع في حقه أن لا يهجر أباه، أو أخاه، أو صديقه، وأن يتكلم معهم ويكفر عن يمينه عملاً بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف على يمين ورأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير"، أما من يستولي على بعض أموال أخيه أو يظلمه بأي ظلم من أنواع الظلم ثم يتخلص من ذلك الاعتداء الصادر منه على المال أو بعضه أو الاعتداء بظلمه أي نوع من أنواع الظلم باليمين معتقداً بأن اليمين قد قطعت العلاقة فيما بينه وبين غريمه المعتدى عليه أمام الله تعالى فهذا الإنسان خاطئ في اعتقاده بأن اليمين قد جعلته في حل أو جعلته غير مسئول أمام الله لكونه قد كفر عن يمينه هذه بأي نوع من أنواع الكفارة المذكورة في القرآن أن هذه الكفارة غير مسوغة لأخذ مال أخيه بغير حق من الحقوق الشرعية وغير مجوزة للظلم الذي صدر منه ولا زال مسئولاً أمام الله عز وجل عن أخذ المال أو عن ظلمه لأخيه بأي نوع من أنواع الظلم وإن كان قد أصبح بريئاً أمام القاضي لأن حكم القاضي ينفذ ظاهراً لا باطناً كما دلت عليه الأدلة الصحيحة من السنة النبوية المطهرة على صاحبها وعلى آله أفضل الصلاة والسلام فمن ادعى على إنسان أن لديه مبلغاً من المال فأنكر المدعى عليه هذه الدعوى وطالب بالبرهان على الدعوى ولم يتمكن المدعي من إقامة البرهان لكون مستنداته قد ضلَت أو لم يكن قد كتب على غريمه مستنداً فيما عنده له واضطر إلى طلب اليمين من غريمه المنكر فحلف الغريم فإن القاضي سيحكم على المدعي بالقنوع وبكف الخطاب عن المدعى عليه وسيكون هذا الحكم نافذاً في الظاهر بمعنى أنه لم يبق للمدعي أي حق في المطالبة للغريم ما دام لم يتمكن من البرهان على دعواه وطلب من المدعى عليه اليمين وحلف المدعى عليه فعلاً، أما في الباطن فإن الحكم غير نافذ ولا يزال المدعى عليه مسئولاً أمام الله تعالى.

<<  <   >  >>