للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الرابع: الأمر بحفظ الأيمان - والتحذير من الحلف الكاذب]

[أولاً: الأمر بحفظ الأيمان]

أمر الله سبحانه وتعالى بحفظ الأيمان فقال: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ. . .}

قال الإمام البغوي: " أراد به إذا حلفتم فلا تحنثوا , فالمراد منه حفظ اليمين عن الحنث .. " (١).

قال الإمام القرطبي: والمعنى: " لا تستكثروا من اليمين بالله" (٢)

وذم الله المكثرين للحلف فقال: {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَاّفٍ مَهِينٍ} وهذا ذم له يقتضي كراهة

فعله. قال الشوكاني ـفي تفسير الآية: - "كثير الحلف بالباطل، وقد كانت العرب في الجاهلية تتمادح بقلة الأيمان حتى قال قائلهم:

قليل الألايا حافظ ليمينه ** وإن بدرت منه الأليةُ برّت (٣) "

وقد بين الله في كتابه أن من صفات المنافقين كثرة الحلف بالباطل قال عز وجل في شأنهم: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ} (٤).

وفي البخاري ومسلم من حديث عبدالله بن مسعودـ رضي الله عنه ـقال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم أيُّ الناس خير؟ قال: قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم تسبق شهادةُ أحدهم يمينه ويمينُه شهادته" (٥).

قال الإمام النووي: "هذا ذم لمن يشهد ويحلف مع شهادته" (٦).

وقال الإمام الطحاوي: "أي يكثرون الأيمان في كل شيء حتى يصير لهم عادة فيحلف أحدهم حيث لا يراد منه اليمين ومن قبل أن يستحلف" (٧).


(١) تفسير البغوي (٢/ ٨٠).
(٢) الجامع لأحكام القرآن (٣/ ٩٧).
(٣) فتح القدير (٢٦٤).والألية هي: اليمين.
(٤) التوبة (٦٢).
(٥) فتح الباري (١١/ ٦٦٢) برقم (٦٦٥٨) ومسلم بشرح النووي (١٦/ ٧٩) برقم (٢٥٣٣).
(٦) صحيح مسلم بشرح النووي (٤/ ١٩٦٢).
(٧) فتح الباري (١١/ ٦٦٣).

<<  <   >  >>