للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[د) حكم الحلف بها]

التحليف باليمين الزُبيريه حرام، إذ لا يكون الحلف إلا باسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته سبحانه، لقوله - صلى الله عليه وسلم - كما في البخاري: " من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت". وفي رواية عند أبي داود والترمذي بلفظ "أو ليسكت" وعند مسلم " من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله".

والحلف بغير الله، قد ورد المنع منه وأنه شرك، لقوله - صلى الله عليه وسلم - كما في سنن أبي داود من حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " من حلف بغير الله فقد أشرك" (١) وعند الترمذي: " فقد كفر أو أشرك" (٢).

لأن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه، والعظمة إنما هي لله وحده، فلا يضاهي به غيره. وعليه فالتحليف بالبراءة من حول الله وقوته واعتصام الإنسان بحوله وقوته حرام بل شرك.

فكيف إذا أضيف إلى هذا كون هذه البراء استكباراً على الله، واستغناء عنه واستعلاء عليه، إن ذلك يوصل الإنسان إلى حد الكفر والعياذ بالله خاصة إذا اعتقد ذلك.

فالحول والقوة كله لله وبالله فلا حول للمسلم ولا قوة إلا بالله فقد علم النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يقولوا " ولا حول ولا قوة إلا بالله " (٣).

وكان يوصيهم بذلك فقد وصى عليه الصلاة والسلام أبا موسى الأشعري ـ رضي الله عنه فقال له قل: (لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنة " (٤). ووصى بها (- صلى الله عليه وسلم -) كذلك أبا ذر _ رضي الله عنه _ حيث قال: كنت أمشي خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لي يا أبا ذر: ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ قلت بلى قال: " قل لا حول ولا قوة إلا بالله" (٥).

قال الخطابي: "معنى الكنز في هذا الحديث الأجر الذي يحرزه قائله والثواب الذي يدخر له فيه" (٦).

وهكذا أرشد عليه الصلاة والسلام أمته إلى الاستكثار من لا حول ولا قوة إلا بالله، فقال كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: " استكثروا من الباقيات الصالحات: قيل وما هُن يا رسول الله؟ قال: التهليل، والتكبير، والتسبيح، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله" (٧).

ومن خلال هذه الأحاديث يتبين لنا أن على المسلم دائماً أن يتبرأ من حوله وقوته وأن يُعلن على الدوام أنه لا حول له ولا قوة إلا بالله.


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) سنن الترمذي (٥/ ٥٨٠) وصححه الألباني في صحيح الترغيب برقم (١٥٨٠).
(٤) صحيح البخاري (١٦/ ١٦١) برقم (٦٣٨٤) ومسلم (٤/ ٢٠٧٦) برقم (٢٧٠٤).
(٥) سنن ابن ماجه (٢/ ١٢٥٦) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (٧٨٢٠).
(٦) تحفة الذاكرين: الشوكاني (١/ ٣٧٢).
(٧) أخرجه أحمد في المسند (١٨/ ٢٤١) برقم (١١٧١٣) وحسنه الأرنؤوط.

<<  <   >  >>