للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورحماً. . إنا وأنتم أهل بيت واحد، فأذكرك الله قرابتنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علام تحبسني وتعذبني، فرق له هارون، فقال له عبدالله بن مصعب الزُّبيري وكان حاكماً للمدينة أيام الرشيد يا أمير المؤمنين لا يغرنك هذا الكلام من هذا، فإنه عاص شاق وإنما هذا منه مكر وخبث وقد أفسد علينا مدينتنا وأظهر فيها العصيان فرد عليه يحيى وكان مما قال يا أمير المؤمنين لقد جاءني هذا حين قتل أخي محمد بن عبدالله بن الحسن فقال لعن الله قاتله، وأنشدني فيه نحواً من عشرين بيتاً.

وقال لي إن تحركت في هذا الأمر فأنا أول من يبايعك وما يمنعك أن تلحق بالبصرة وأيدينا معك؟ فتغير وجه الزبيري وأنكر وشرع يحلف بالأيمان المغلظة إنه لكاذب في ذلك، وتحير الرشيد ثم قال ليحيى أتحفظ شيئاً من المرثية؟ قال: نعم، وأنشده منها جانباً منها: -

قوموا بأمركم ننهض بطاعتنا ** إن الخلافة فيكم يا بني حسن

فازداد الزُبيري في الإنكار وقال والله يا أمير المؤمنين الذي لا إله إلا هو. . حتى أتى على آخر اليمين الغموس ما كان مما قال شيء- فأقبل الرشيد على يحيى فقال قد حلف فهل من بيِّنة سمعوا هذه المرثية منه قال لا يا أمير المؤمنين، ولكن استحلفه بما أريد قال فاستحلفه فأقبل على الزبيري فقال: قل إن كنت كاذباً فقد برئت من حول الله وقوته واعتصمت بحولي وقوتي وتقلدت الحول والقوة من دون الله استكباراً على الله، واستغناءً عنه واستعلاءً عليه إن كنت قلته.

فامتنع الزبيري من الحلف بذلك فعزم عليه الرشيد وتغيظ عليه، فحلف بذلك فما كان إلا أن خرج من عند الرشيد فرماه الله بالفالج فمات من ساعته.

ثم إن الرشيد أطلق يحيى بن عبدالله وأطلق له مائة ألف دينار. ويقال إنما حبسه بعض يوم، وقيل ثلاثة أيام، وعاش بعد ذلك كله شهراً واحداً ثم مات رحمه الله تعالى (١).


(١) تاريخ الطبري (٨/ ٢٤٢)، وما بعدها، البداية والنهاية لابن كثير (١٠/ ١٧٨ ـ ١٨٠)، عصر المأمون للدكتور/ أحمد فريد (١/ـ ١٢٢) وما بعدها

<<  <   >  >>