للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: الأحكام المتعلقة بالكفارة]

للكفارة أحكام تتعلق بها منها ما يلي: ـ

[١ - يستحب إعانة المعسر في الكفارة]

عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: هلكت، فقال: وما ذاك؟ قال وقعتُ بأهلي في رمضان، قال: تجد رقبة؟ قال: لا، قال: هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ قال: لا، قال: فجاء رجلٌ من الأنصار بعرق ــ والعرق المكتل فيه تمرـ فقال: اذهب بهذا فتصدق به. قال: أعلى أحوج منا يا رسول الله؟ والذي بعثك بالحق ما بين لا بتيها أهل بيت أحوج مِنَّا، ثم قال: اذهب فأطعمه أهلك" (١).

- يستفاد من الحديث:

أن الكفارة لا تسقط عن الفقير، لكن يستحب إعانته إن كان معسراً.

[٢ - تشرع الكفارة قبل الحِنث وبعده]

اتفق الفقهاء على أن الكفارة لا تجب إلَاّ بالحِنث، واختلفوا في جواز تقديمها عليه وتأخيرها عنه.

فجمهور الفقهاء يرى أنها رخصة شرعها الله لحل ما عقد من اليمين فلذلك تجزئ قبل الحنث وبعده، وهذا القول منسوب لأربعة عشر صحابياً وعدد كبير من التابعين، واستدلوا بظواهر النصوص ومنها:

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "والله إن شاء الله، لا أحلف على يمين ثم أرى خيراً منها إلَاّ كفرتُ عن يميني وأتيت الذي هو خير" (٢).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه" (٣).

ويرى أبو حنيفة أن الكفارة لا تصح إلَاّ بعد الحنث وذلك لتحقيق موجبها حينئذ ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه " (٤).

والصحيح قول الجمهور لثبوت الأحاديث بالكفارة قبل الحِنث وبعده.

ولأن الواو لا تدل على الترتيب وإنما هي لمطلق الجمع.


(١) البخاري مع الفتح (١١/ ٧٢٦)، برقم (٦٧١٠).
(٢) البخاري مع الفتح (١١/ ٦٣٠) برقم (٦٦٢٣)، ومسلم بشرح النووي (١١/ ٩٩) برقم (١٦٤٩).
(٣) مسلم بشرح النووي (١١/ ١٠٣) برقم (١٦٥٠).
(٤) صحيح مسلم (٣/ ١٢٧١) برقم (١٦٥٠).

<<  <   >  >>