الأجسام أجسام أخرى متناهية، وهكذا إلى غير نهاية، بحيث نصل إلى النظرية الآلية التي تنكر كل اختلاف بالماهية بين الأجسام، وترد الاختلافات إلى اختلاف الحركة والسكون.
د- وكذلك القول في المعاني أو الأفكار, فإنها ترجع إلى صفة الفكر. وفي هذه الصفة حال يحوي النظام الشامل الثابت للطبيعة؛ هذا الحال هو العقل اللامتناهي أو "فكرة الله" التي هي معلول مباشر للقوة الفكرية الإلهية اللامتناهية، أي: القوة الروحية الباقية هي هي أبدًا في الطبيعة مع اختلاف الظواهر الروحية الجزئية، كما أن الحركة باقية هي هي أبدًا في الامتداد. وما يصدق على أحوال الامتداد يصدق على أحوال الفكر، فإن ترتيب المعاني في الفكر صورة من ترتيب الأعيان في الامتداد، وإذا كان من طبيعة الموجود المفكر أن يكون معاني مطابقة، فمن المحقق أن معانينا غير المطابقة آتية من كوننا جزءا من موجود مفكر, وأن عقلنا مكون من معاني ذلك الموجود بعضها كامل وبعضها ناقص.
٤٩ - الإنسان ١:
أ- الإنسان مركب من حال امتدادي هو جسمه، ومن حال فكري هو نفسه. الجسم آلة مؤلفة من آلات، والنفس فكرة الجسم أي: فكرة موضوعها الجسم الموجود بالفعل، فهي تبدأ وتنتهي مع الجسم، وعلتها خارجة عنها تلتمس في أحوال أخرى من الفكر مقابلة لأحول الامتداد التي هي علة الجسم. والإحساس ظاهرة جسمية؛ أما الإدراك فظاهرة فكرية تقوم في تصوير النفس للإحساس وقت انفعال الجسم به, من حيث إن النفس هي دائمًا ما الجسم إياه. أجل إن انفعال الجسم معلول لفعل أجسام أخرى، ولكن هذا الفعل يتكيف بطبيعة جسمنا، فيلزم من ذلك إذن الإدراك يقابل طبيعة جسمنا أولًا وبالذات مع مقابلته لطبيعة الأجسام الخارجية. والقوانين الطبيعية للفكر هي قوانين التداعي أو الترابط، تشبه قوانين الحركة في الامتداد وفكرة النفس عن ذاتها، وفكرتها عن جسمها, وفكرتها عن الجسم الخارجي، فكرات غير مطابقة؛ لأن النفس وجسمها والجسم الخارجي أحوال متناهية