جسمًا وبين الموجود المقول: إنه ذو نفس، أن الجهد والفعل في هذا يحفظان في الشعور والذاكرة، في حين أن الشعور والذاكرة لا يوجدان في ذاك إلا حال الفعل:"فكل جسم روح مؤقت، أي: عادم الذاكرة".
ب- ولما كانت المونادات بسيطة فيمتنع أن تبدأ ابتداء طبيعيا وأن تنتهي انتهاء طبيعيا، فإن الكون والفساد الطبيعيين يقومان في تركيب أجزاء, وانحلال أجزاء.
وعلى ذلك فبداية المونادات خلق بالضرورة، ونهايتها إعدام. غير أن الله لا يعدم مخلوقًا، فالمونادات خالدة، وما يبدو للحس كونًا وفسادًا عبارة عن نمو يجعل الحي منظورًا، ونقصان إلى ما لانهاية يجعله غير منظور. وليست تصل النفس الإنسانية في خلودها إلى سعادة مطلقة، ولكنها تتدرج في الكمال والسعادة إلى غير نهاية، كما يقضي مبدأ الاتصال، وتبعًا لهذا المبدأ أيضًا يجب التسليم بأن المونادات لامتناهية العدد؛ يدل على ذلك من الجهة الواحدة أن المادة منقسمة إلى غير نهاية, وأن تركيبها يستلزم من ثمة عناصر لامتناهية؛ ومن الجهة الأخرى أن المونادات محاكيات للذات الإلهية، والذات الإلهية تحاكى على أوجه لامتناهية، فهناك عدد لامتناهٍ من درجات الوجود.
ج- ماذا تدرك المونادات؟ إنها تدرك العالم أجمع؛ لأنها محاكيات للذات الإلهية كما تقدم، وكل منها مرآة للوجود لأنه لما كانت الأشياء متصلة فليس يمكن إدراك جزء دون إدراك الكل. غير أن كل مونادا تدرك العالم من وجهة خاصة بها, فإن لها مجال إدراك متميز ولا تدرك ما يجاوزه إلا إدراكًا مختلطًا، بحيث يقابل الإدراكات المتميزة في مونادا معينة إدراكات مختلطة في المونادات الأخرى، والعكس بالعكس، والإدراك المتميز في مونادا معينة هو "نشر" الإدراك المختلط المقابل له وجلاؤه، والإدراك المختلط "طي" الإدراك المتميز أو إجماله. فالإدراك يحتمل درجات بحسب مبلغ تميزه: تحت الإدراك المتميز والمعلوم بالشعور aperception يوجد إدراك ضعيف غير واقع في الشعور perception لم يعده الديكارتيون شيئًا مذكورًا ولكنه موجود حقا. يدل على وجوده أولًا أن النفس لا يمكن أن تكون غير فاعلة وقتًا ما، ولما كان