كامنًا فيه، إذ إن طبيعة الجوهر الشخصي أو الموجود التام هي أن تكون فكرته تامة بحيث تكفي لأن نفهم منها ونستنبط جميع محمولات الموضوع المضافة إليه هذه الفكرة ١ ". فهو يضع المحمولات العرضية والمحمولات الذاتية على قدم المساواة، ولا يحسب حسابًا للقوة التي هي إلى الضدين؛ لأنه رمى إلى المعقولية الكلية وأراد أن تكون كل قضية صادقة قابلة لبرهنة قياسية، وبهذا الاعتبار تتحول القضية الممكنة إلى ضرورية ما دام صدقها يلزم من إدراك حديها. وما جدوى قول ليبنتز: إن الحدين الأولين لا يجتمعان إلا بتحليل لا نهاية له غير ميسور إلا للعقل الإلهي، ما داما يجتمعان على كل حال؟ إن ليبنتز يقف نفس موقف سبينوزا, ففكرة الجوهر عندهما واحدة، وهي أن الجوهر ينطوي على كل ما يتحتم أن يقع له، مع هذا الفارق وهو أن الجوهر الأوحد عند سبينوزا يتجزأ عند ليبنتز إلى عدد لامتناهٍ من الجواهر الجزئية كل منها يمثل الوجود أجمع، دون أن يبرر ليبنتز خروجه من الأنا إلى جواهر أخرى؛ وما حاجته إليها والأنا حاوٍ لجميع التصورات؟ أجل, إنه يقول: إن المونادا تصادف عقبات تعوق تصورها، فتضيفها إلى مونادات أخرى؛ ولكن المونادات لا تتفاعل، فلم لا يقول بمونادا واحدة تحاول أن تستوضح جميع وجهات الوجود؟ ولو أنه التزم التصورية لكان اقتصر على جوهر واحد هو الأنا المتصور, وهكذا سيفعل مواطنه فختي.
٥٦ - الله:
أ- فوق المونادات المتناهية توجد المونادا العظمى اللامتناهية أو الله, ووجود الله ثابت بأدلة إنية ودليل لمي. أما الأدلة الإنية فثلاثة: الأول سبق التناسق، وقد مر الكلام عنه. الثاني يؤخذ من اعتبار المونادات ماهيات، ومؤداه أن مبدأ الاتصال يأبى الانتقال الفجائي، وإذن فليست تنتقل المونادات من العدم إلى الوجود انتقالًا فجائيًّا، ولكن الممكنات موجودات لامتناهية في الصغر، موجودة في ذات هي الذات الإلهية، وتحاول أن تتحقق وتتعارض في محاولاتها، فلا بد من علة ترفع العائق من سبيل البعض الذي يتحقق،