يقول:"إن معانينا الكلية جميعًا هي في الحقيقة معانٍ جزئية مرتبطة باسم كلي يذكر اتفاقًا بمعانٍ أخرى جزئية تشبه في بعض النقط المعنى الماثل في الذهن". فاسم فرس مثلًا "يطلق عادة على أفراد مختلفة اللون والشكل والمقدار، فبمناسبته تتذكر هذه المعاني "أو الأفراد" بسهولة".
ج- والعلاقات تنشأ بفعل قوانين تداعي المعاني، أي: قوانين التشابه، والتقارن في المكان والزمان، والعلية. هذه القوانين هي القوانين الأولية للذهن، تعمل فيه دون تدخل منه، وهي بالإضافة إليه كقانون الجاذبية بالإضافة إلى الطبيعة. فهيوم يزيد على لوك أن ليس للذهن فعل خاص في المضاهاة والتركيب والتجريد التي هي وسائل تكوين المعاني، ويقصر وظيفة الذهن على مجرد قبول الانفعالات فتحصل منها المعاني حصولًا آليًّا بموجب قوانين التداعي؛ والعلاقات التي تؤلف العلوم نوعان: علاقات بين انفعالات قائمة في أن بعض الانفعالات علل والبعض الآخر معلولات، كما هو الحال في العلوم الطبيعية، وعلاقات بين معانٍ، وهي التي تتألف منها الرياضيات, فيتعين النظر في كل من هذين النوعين.
د- أما العلوم الطبيعية فقيمتها تابعة لقيمة علاقة العلية، وهذه العلاقة هي التي تسمح لنا بالاستدلال بالمعلول الحاضر على العلة الماضية، وبالعلة الحاضرة على المعلول المستقبل. ولكنها عديمة القيمة؛ فإنها ليست غريزية وليست مكتسبة بالحس الظاهر، أو الحس الباطن، أو بالاستدلال. لقد بين لوك أن ليس في الذهن شيء غريزي, والحواس تظهرنا على تعاقب الظواهر الخارجية، ولا تظهرنا على قوة في الشيء الذي يسمى علة يحدث بها الشيء الذي يسمى معلولا؛ فأنا أرى كرة البلياردو تتحرك، فتصادف كرة أخرى، فتتحرك هذه، وليس في حركة الأولى ما يظهرني على ضرورة تحرك الثانية. والحس الباطن يدلني على أن حركة الأعضاء في تعقب أمر الإرادة، ولكني لا أدرك به إدراكًا مباشرًا علاقة ضرورية بين الحركة والأمر، ولا أدري كيف يمكن لفعل ذهني أن يحرك عضوًا ماديًّا. وأخيرًا ليس يمكن القول بأن رابطة العلية مكتسبة بالاستدلال. إن الفلاسفة الذين يدعون أن للشيء الذي يظهر للوجود علة بالضرورة وإلا كان علة نفسه أو كان معلولا للعدم، يفترضون